المحتوى الرئيسى

كيف تحول خطر كينيدي على بايدن وترمب من فكرة إلى حقيقة؟

منذ 1 اسبوع - 2024-04-23 [56] قراءة

تحول احتمال قلب السباق الرئاسي رأساً على عقب من مجرد فكرة، قبل أسابيع، إلى حقيقة واقعة، الأسبوع الماضي، في الولايات المتحدة، فقد تأهل المرشح المستقل لانتخابات الرئاسة الأميركية روبرت كينيدي جونيور للمنافسة رسمياً في ميشيغان، وهي واحدة من أهم الولايات المتأرجحة التي يمكن أن تحسم النتيجة النهائية للانتخابات، بينما يسعى إلى استكمال إجراءات تسجيل اسمه رسمياً بورقة الاقتراع في باقي الولايات الـ50. فإلى أي مدى يشكل سليل عائلة كينيدي الشهيرة خطراً على الرئيس جو بايدن؟ وهل يمتد التهديد إلى دونالد ترمب أيضاً؟

الخطر قادم

في منتصف أبريل (نيسان) الجاري، انتقل روبرت كينيدي جونيور (الابن) من مجرد مرشح افتراضي اسمه غير مدرج في ورقة الاقتراع بالولايات إلى مرشح حقيقي ذي تأثير قوي على فرص زعيمي الحزبين الكبيرين الديمقراطي والجمهوري للفوز بانتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وتحقق ذلك بنجاحه في ضمان التسجيل في بطاقة الاقتراع كمرشح رئاسي مستقل في ولايتي ميشيغان ويوتا، بينما تسارع حملته الخطى لتسجيله في بطاقة الاقتراع بجميع الولايات الـ50 الأخرى ومقاطعة كولومبيا (واشنطن العاصمة).

وجاء الخطر الحقيقي حين قرر حزب صغير يدعى "القانون الطبيعي" منح كينيدي التسجيل في ولاية ميشيغان التي من المتوقع أن تكون الانتخابات الرئاسية متقاربة بها إلى حد بعيد، إذ أظهر بايدن ضعفاً في الدوائر الديمقراطية خلال الانتخابات التمهيدية بالولاية، في فبراير (شباط) الماضي، بعدما اجتذبت حركة احتجاج 13 في المئة من أصوات الناخبين الشباب والتقدميين والسكان العرب الأميركيين والمسلمين ذوي النفوذ في الولاية، الذين يشكلون عدداً كبيراً خصوصاً في ديربورن بسبب دعم بايدن لإسرائيل في قطاع غزة.

تهديد الطرف الثالث

ولأن ترمب فاز بولاية ميشيغان بفارق 10704 أصوات فقط عام 2016 قبل أن يعيدها بايدن إلى صف الديمقراطيين بنحو 154 ألف صوت عام 2020، فإن استمرار حالة الاستياء من بايدن ينذر بخسارته عشرات الآلاف من الأصوات التي يمكن أن تذهب إلى كينيدي، كونه سليل أشهر عائلة ديمقراطية في البلاد، ويحصل على استطلاعات رأي مبكرة أعلى من أي مرشح لطرف ثالث منذ ترشح الملياردير روس بيرو عام 1992، وكان سبباً في خسارة جورج أتش بوش (الأب) السباق الانتخابي بسبب ميول روس المحافظة، مما أهدى الفوز إلى المرشح الديمقراطي بيل كلينتون.

وغالباً ما يشكل المرشحون الأقوياء من غير الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي خطراً على أحد المرشحين المتنافسين، حينما يتمكنون من تأمين تسجيل اسمهم في ورقة الاقتراع في جميع أو غالبية الولايات مثل جورج والاس الذي ترشح عبر حزب ثالث عام 1968، وفاز بنحو 13 في المئة من الأصوات ليفوز ريتشارد نيكسون، ومثل روس بيرو الذي فاز بنحو 19 في المئة من الأصوات عام 1992، وكذلك رالف نادر المدافع عن البيئة الذي تسبب في خسارة المرشح الديمقراطي آل غور ولاية فلوريدا ليفوز الجمهوري جورج دبليو بوش (الابن) بالسباق الانتخابي عام 2000.

طريق طويل

وعلى رغم أن حملة كينيدي تقول إنها أكملت جمع التوقيعات اللازمة للتسجيل في بطاقة الاقتراع في 10 ولايات أخرى، فإنه لا تزال أمامها أشهر في معظم الولايات لتقديم الأوراق قبل المواعيد النهائية في يوليو (تموز) أو أغسطس (آب)، في ظل عملية طويلة تتوقع لجنة العمل السياسي "سوبر باك" التابعة لكينيدي أن تتكلف ما بين 40 و50 مليون دولار.

وفيما يصر أنصار كينيدي على أنه لا يسعى إلى الوصول إلى البيت الأبيض لمجرد تسليم الفوز بالانتخابات لمرشح آخر، وأن لديه فرصة للفوز بأكثر من 270 صوتاً انتخابياً اللازمة للفوز بالانتخابات الرئاسية من إجمالي 538 صوتاً في المجمع الانتخابي، إلا أن الشكوك والمخاوف تتزايد في الجانب الديمقراطي من إمكانية تحقيق اختراق لم يحدث من قبل في التاريخ الحديث، وعكس ذلك، انفصال عائلة كينيدي عنه ومشاركتها في حملة تأييد لبايدن في ولاية بنسلفانيا، مع عديد من زملاء كينيدي السابقين من الحركة البيئية، الذين استنكروا ترشيحه علناً.

واعتبر شقيقه الأكبر جوزيف كينيدي الثاني، وهو عضو مجلس النواب الديمقراطي السابق من ماساتشوستس، أنه لا يمكن لعائلة كينيدي فعل أي شيء يجرد صوتاً واحداً من الرئيس بايدن، لأن وضع اسم كينيدي على بطاقة الاقتراع، من شأنه أن يشعر الديمقراطيين بالتمزق.

هل يخسر بايدن ميشيغان؟

لكن كينيدي قد لا يكون المرشح المثالي للاستفادة من سخط الديمقراطيين ضد بايدن، لأنه اتخذ موقفاً أكثر تأييداً لإسرائيل في نهاية العام الماضي، الأمر الذي قد يلحق به ضرراً شديداً، إذا سلطت الأضواء على آرائه، وبما يصعب معه تسخير المشاعر المعادية لبايدن لصالحه في المجتمعات العربية الأميركية، فقد وصف "الشعب الفلسطيني بأنه الأكثر تدليلاً من قبل منظمات المساعدة الدولية"، في حين وصف إسرائيل بأنها "أمة أخلاقية".

وبحسب المتخصص في مجال العلوم السياسية المساعد في جامعة "ولاية فالدوستا" بولاية جورجيا برنارد تاماس، فإن ما يشكل تحدياً لحملة روبرت كينيدي جونيور هو أنه ليس لديه قضية تحفيزية تقود أجندته الانتخابية، التي كان يمكن أن تستقطب أعداداً كبيرة من حملتي ترمب أو بايدن، إذ إن القضية الرئيسة التي يبدو أنها تحرك برنامجه هي أنه ليس ترمب ولا بايدن، ولهذا لن يكون ذلك كافياً لجذب عدد كبير من الناخبين المستقلين أو تشجيع عديد من الناخبين الديمقراطيين أو الجمهوريين للانضمام إليه.

ورجح تاماس في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن يكون للمرشح التقدمي كورنيل ويست أو زعيمة "حزب الخضر" جيل ستاين تأثير أكبر بكثير على إضعاف دعم بايدن، على رغم أنهما لن يجتذبا سوى بضع نقاط مئوية من إجمالي الأصوات، لكن مواقفهما من حرب غزة، المؤيدة لوقف إطلاق النار، يمكن أن تلقى صدى لدى الناخبين التقدميين الذين أصيبوا بخيبة أمل شديدة من تعامل بايدن مع الوضع الإنساني في القطاع، بينما يتمتع روبرت كينيدي جونيور بموقف مؤيد لإسرائيل في الغالب.

تحديات ديمقراطية

وتشير المتخصصة الاستراتيجية الديمقراطية ليز سميث التي تعمل مع اللجنة الوطنية الديمقراطية إلى أن الديمقراطيين يعملون على ضمان أن يعرف الناخبون مدى تطرف مواقف كينيدي، وأن حلفاء ترمب ربما جندوه للترشح وأغدقوا الأموال عليه من قبل أكبر مانح لترمب ليسبب الاضطراب والفشل للحزب الديمقراطي ويهدي ترمب الفوز في نوفمبر.

ويعزز هذا التصور بين الديمقراطيين ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" من أن الملياردير المحافظ تيموثي ميلون أعطى 15 مليون دولار للجنة العمل السياسي المؤيدة لترمب بينما قدم 20 مليون دولار للجنة العمل السياسي المؤيدة لكينيدي.

هل يتضرر ترمب؟

ويظل الجدل مفتوحاً حول ما إذا كان ترشيح كينيدي يضر بايدن أكثر مما يضر الرئيس السابق ترمب، إذ يجادل مستشارو بايدن بأن الديمقراطيين الذين ربما ينجذبون إلى اسم كينيدي سينجرفون بعيداً عنه حينما يعلمون مزيداً عن ترويجه نظريات المؤامرة والدعم المالي الذي قدمه أحد كبار المانحين لترمب إلى لجنة العمل السياسي الخاصة به.

في المقابل، يشير استطلاع للرأي أجرته كلية "ماركيت" للقانون في ولاية ويسكنسن إلى أن كينيدي يجمع أصواتاً من المستقلين والجمهوريين أكثر من أصوات الديمقراطيين، وهو ما يؤكده أيضاً تاماس المتخصص في الأحزاب الثالثة والمرشحين المستقلين، إذ استبعد أن الحزب الجمهوري يمكن أن يضمن أن روبرت كينيدي لن يسحب بعض أنصار ترمب في يوم الانتخابات.

وإذا بقي روبرت كينيدي في السباق، يأمل الديمقراطيون أن يأتي دعمه بصورة أساسية من الناخبين الذين يدعمون ترمب، مما يؤدي إلى إضعاف المرشح الجمهوري، ولهذا حذر ترمب من هذا الخطر، وصعد من هجماته على كينيدي، محاولاً تصويره كجزء من اليسار الراديكالي المتشدد.

مؤشرات متباينة

وتتباين استطلاعات الرأي حول الكيفية التي قد يغير بها كينيدي السباق، إذ أظهرت سلسلة من استطلاعات الرأي التي أجرتها شبكة "فوكس نيوز" في الولايات المتأرجحة أن إدراج اسم كينيدي في بطاقات الاقتراع إلى جانب مرشحي الأطراف الثالثة الآخرين ساعد ترمب أحياناً، وساعد بايدن في أحيان أخرى، ولم يساعد أياً منهما في استطلاعات مختلفة.

وعلى سبيل المثال، أظهر استطلاع "فوكس نيوز" في ميشيغان أن كينيدي حصل على تسعة في المئة من دعم الناخبين، بينما جاء ترمب في المقدمة بنسبة 42 في المئة، وحصل بايدن على 40 في المئة، فيما حصل مرشحان آخران من حزب ثالث، وهما المرشح المستقل كورنيل ويست، ورئيسة "حزب الخضر" جيل ستاين، على اثنين في المئة، وفي السباق التنافسي المباشر بين الرجلين في الولاية، تقدم ترمب بنسبة 49 في المئة مقابل 46 في المئة.

ووفقاً لاستطلاع جديد أجرته شبكة "أن بي سي نيوز" قد يضر الترشح المستقل لروبرت كينيدي جونيور بالرئيس السابق ترمب أكثر من الرئيس بايدن في صناديق الاقتراع، إذ يتقدم ترمب بنقطتين على بايدن في التنافس المباشر، وفي سباق خماسي بين ترمب وبايدن وكينيدي وكورنيل ويست المرشح المستقل ومرشحة "حزب الخضر" جيل ستاين، يتقدم بايدن بنقطتين.

توقعات مبكرة

وبحسب المتخصص في مجال العلوم السياسية برنارد تاماس، لا يزال من السابق لأوانه التنبؤ بصورة موثوقة بكيفية تأثير الأحزاب الثالثة والمستقلين على هذه الانتخابات، لأن استطلاعات الرأي المبكرة ليست موثوقة، ولأن العدد النهائي لناخبي الطرف الثالث سيكون أقل بكثير في يوم الانتخابات مما هو عليه اليوم، ومن المرجح أن الذين يصوتون لمرشحين مستقلين وأطراف ثالثة قد يكونون ببساطة أشخاصاً لم يكونوا ليصوتوا على الإطلاق لو كان المرشحان الوحيدان هما بايدن وترمب، مما يجعل التأثير الصافي لهؤلاء المرشحين المتمردين صفراً.

ويبدو أن الآراء السياسية التي يتبناها روبرت كينيدي جونيور عبارة عن مزيج غير متناسق من القضايا التي يمكن أن تربك الناخبين، فهو يجادل بقوة بأن الناخبين لا ينبغي لهم أن يثقوا في العلماء في شأن اللقاحات، لكنه يقول إنه يمكنهم الثقة بنسبة 100 في المئة في العلماء في ما يتعلق بتغير المناخ.

ويضيف تاماس أنه من غير المرجح أن يدعم معظم الناخبين الساخطين هذين الموقفين المتعارضين في الوقت نفسه، كما أن مواقف كينيدي السياسية المرتبكة تفتح الباب أمام الحزب الجمهوري لتصف روبرت كينيدي جونيور باعتباره تقدمياً يسارياً كما فعل ترمب، وأن يصفه الديمقراطيون بأنه منظر مؤامرة يميني، وقد يؤدي هذا إلى إضعاف دعمه من كلا جانبي الطيف السياسي.


المصدر: المنتصف نت

تابع أيضاً

عاجل