المحتوى الرئيسى

صناعة الآلهة في حياة البشر

منذ 1 اسبوع - 2024-04-27 [90] قراءة

قبل 4 دقيقة

لم يتوقف الكهنة والحكام يوماً عن صناعة أنواع مختلفة ومتعددة من الآلهة لغرض فرضها على الشعوب لعبادتها وتقديسها وتعظيمها ، ولم يتوقفوا يوماً عن وضع وصياغة المزيد من التشريعات والطقوس المختلفة التي توضح وتشرح كيفية عبادتها والتقرب إليها ، ولم يتوقفوا يوماً عن صناعة المزيد من هالات القداسة حولها ، لتتحول من أصنام وأحجار وظواهر ومخلوقات إلى آلهة تعبدها الشعوب والأمم ، ونوع الآلهة في كل مجتمع وحضارة بشرية يتوقف على عدة عوامل منها البيئة والحالة النفسية والارتقاء الفكري والحضاري ومدى الشعور بالعزة والكرامة والعادات والتقاليد وغيرها ، فمن المجتمعات والحضارات البشرية من عبدت الشمس والقمر والنجوم والكواكب ( الحضارة اليمنية السبئية انموذجاً ) ، ومنها من عبدت الاشجار والاحجار والأصنام والحيوانات ، وكل ذلك لهدف مشترك وهو السيطرة الروحية والنفسية والسلوكية على افراد المجتمعات بما يتوافق مع سياسات ومصالح الكهنة والحكام في كل زمان ومكان ..

كل ذلك رغم أن الإنسان القديم كان لديه شعور بأن هناك قوة خفية هي من تدير شؤون هذا الكون الواسع وتتحكم فيه ، لكن عادات وتقاليد الآباء والأجداد كانت هي المسيطرة على تفكيره ، والبعض الآخر كان يظن بأن الآلهة التي يعبدها هي من تقربه من تلك القوة الخفية ، حتى ظهرت الديانات السماوية وأرسل الله الرسل مبشرين ومنذرين ودعاة ، وأمدهم بالآيات والبينات والمعجزات التي تؤكد بأن القدرة الإلهية هي من تسيطر على هذا الكون وتتحكم به ، ورغم ذلك وجد الرسل عليهم السلام الكثير من الصد والرفض لدعواتهم خصوصا من الكهنة والحكام والمتنفذين ، وصولاً إلى الاعتداء عليهم وحتى قتلهم انتصاراً للآلهة التي كان يعبد الآباء والأجداد ويقدسها الحكام والكهنة، ومن كان يؤمن بالرسل هم الضعفاء والمساكين ، فكان الرد الإلهي يأتي صاعقاً وانتقامياً وصولاً إلى إهلاك تلك الأمم والحضارات الضالة والظالمة ..

وقد تطورت صناعة الالهة في حياة بعض المجتمعات البشرية وصولاً إلى صناعة آلهة من البشر ، يقدسونها ويعظمونها ويعبدونها ( البشر الآلهة ) ( الفرعون الآلهة ) ( كسرى نسل الآلهة ) ... وهكذا ، ورغم دعوات الديانات السماوية.الواضحة على توحيد الألوهية إلا أنها لم تسلم من الاختراق والالتفاف والتشوية والتحريف ، وذلك عن طربق صناعة هالة من القداسة والتعظيم حول بعض البشر وصولاً إلى منحهم كل أو بعض صفات الألوهية ( عيسى عليه السلام في المسيحية ، والأئمة المعصومين عند الشيعة الإثنى عشرية انموذجاً ) ، كل ذلك رغم تعارض هكذا دعوات وأفكار مع وحدانية الله تعالى ومع أنه وحده من يستحق التقديس والتعظيم والعبودية ، ومع أن الرسل والانبياء عليهم السلام مجرد رسل ومبلغين ودعاة ومبشرين ومنذرين ولا يملكون من الأمر شيئاً ، بل لا يملكون حتى نفع أنفسهم ، بل إن هكذا دعوات تتصادم مع غايات وأهداف الدين الإسلامي الذي جاء لتحرير البشر من عباده العباد إلى عبادة رب العباد ..

وإذا كانت هكذا دعوات قد لقيت قبولاً ورواجاً في بعض المجتمعات نظراً لحالة الجهل والتخلف التي كانت سائدة في عصور سابقة ، فإنه من المستغرب جدا استمرار قبول ورواج هكذا دعوات تتعارض مع الشرع والعلم والعقل والمنطق في وقتنا الحاضر ، خصوصاً بعد التطورات العلمية والتكنولوجية والفكرية والثقافية الكبيرة والمذهلة التي حققها البشر مؤخراً ، والتي تنسجم مع التشريعات الإلهية التي تؤكد على أن هذا الكون يتكون من مجرات سماوية عملاقة لا منتهية ويتحرك وفق ناموس غاية في الدقة والانتظام ، وأن هناك قدرة وقوة عظيمة هي من تسيطر عليه وتديره بحكمة ودقة فائقة ، والتي أظهرت حقيقة الانسان بأنه لا شيء يذكر في نطاق هذا الكون الفسيح اللامتناهي ، فكيف بمن لا زالوا يسخرون وقتهم وجهدهم في صناعة آلهة من البشر ، والباحث في هذا الموضوع سوف يدرك على الفور بأن كل الجهود والدعوات في هذا المجال ليست لأهداف وغايات دينية بل لغايات سياسية وسلطوية بحته ، لأن هكذا دعوات وأفكار الهدف الحقيقي منها هو صناعة المبررات لاستعباد البشر وسلبهم حقوقهم وحرياتهم وتخديرهم واخضاعهم لسلطات ونفوذ الكهنة والحكام ، وإذا كان ولا بد من عبودية لغير الله تعالى فإن عبادة الظواهر الطبيعية كالشمس والقمر والرياح وغيرها أفضل بكثير جداً من عبادة الإنسان لإنسان مثله .


المصدر: المنتصف نت

تابع أيضاً

عاجل