المحتوى الرئيسى

عامان من النظام الرئاسي في تركيا.. حصاد اقتصادي مُر

منذ 3 سنة - 2020-07-11 [170] قراءة

كشفت تقرير جديد، الجمعة، عن أوضاع مأساوية لاقتصاد تركيا بعد عامين من نظام الحكم الرئاسي الذي فرضه الرئيس رجب طيب أردوغان في العام 2018، رغم كافة التحذيرات. 

التقرير نشرته شبكة "دويتش فيله" الألمانية على نسختها التركية، وذكرت فيه أن الاقتصاد التركي يتكبد خسائر هائلة بسبب النظام الرئاسي، وأن هناك مخاوف من حدوث المزيد من الانخفاض في الدخل القومي، وارتفاع معدلات البطالة، فضلا عن أن نظرة المستثمر الأجنبي للبلاد ساءت بشكل كبير.

والتقرير الذي نُشر بمناسبة إنهاء الرئيس أردوغان عامه الثاني من العمل بالنظام الرئاسي الذي حل محل نظام برلماني، أوضح أنه خلال العامين الماضيين شهدت البلاد حالة من الجدل حول العديد من الأمور في ظل النظام الرئاسي بداية من السلطة التنفيذية للقضائية، والسياسة الخارجية ونفقات القصر.

وشدد  على أن الاقتصاد التركي كان أكثر القطاعات تضررا خلال العامين الماضيين، حيث وصلت معدلات البطالة، وعجز الموازنة العامة إلى أرقام مسبوقة، وتجاوزت خسائر الدخل القومي 125 مليار دولار.

وبحسب التقرير يرى محللون وخبراء اقتصاديون أن إدارة الاقتصاد التركي من قبل مركز واحد (في إشارة لشخص أردوغان) من شأنه مضاعفة الأزمات.

تأثير التطورات الإقليمية والدولية على الاقتصاد

وقال إن "النظام الرئاسي الذي وعد باستقرار اقتصادي، ومزيد من الاستثمارات، يبدو بعيدًا كل البعد عن تحقيق هذه الوعود؛ فالتطورات السلبية المتلاحقة التي يتعرض لها الاقتصاد، تعيد تركيا للوراء في المحافل الدولية".

وأشار إلى أن "أزمة القس برونسون بين أنقرة وواشنطن، والتوتر الأمريكي – الإيراني، وكذلك العلاقات التي تجمدت مع الاتحاد الأوروبي، ومؤخرًا جائحة فيروس كورونا المستجد(كوفيد-19)، كلها تطورات كان لها بالغ الأثر في المشهد الذي وصل إليه الاقتصاد التركي، وعزز من المخاوف داخل المجتمع حيال المستقبل".

وبيّن أن "ديون القطاع الخاص التي وصلت إلى ما يقرب من 100 مليار دولار، تقطع الطريق أمام أية استثمارات جديدة"، مشيرًا إلى أنه "إذا كانت الحكومة التركية قد أعلنت خلال العامين الماضيين عن 8 حزم تحفيزية لإنعاش الاقتصاد، إلا أنه لا زال الانخفاض مستمر في دخول الأسر".

 أرقام سلبية غير مسبوقة بعدد من المؤشرات

ولفت التقرير إلى أن "العامين الماضيين شهدا أرقامًا سلبية غير مسبوقة بعدد من المؤشرات الكلية والجزئية، بدءًا من سعر صرف العملات الأجنبية مقابل العملة المحلية الليرة، مرورًا بالتضخم، والبطالة، وعجز الميزانية".

وأفاد التقرير أن "متوسط سعر صرف الدولار مقابل الليرة كان يبلغ 4.73 ليرة في يوليو/تموز 2018 وهو التاريخ الذي تحولت فيه البلاد رسميًا للنظام الرئاسي، ليصل حاليًا إلى 6.85 ليرة جرّاء التدهور الاقتصادي الذي تشهده البلاد".

التقرير لفت كذلك إلى أن "معدلات التضخم التي تراجعت من 24% إلى 12% بفعل خفض البنك المركزي التركي لأسعار الفائدة بشكل سريع، تعاود ارتفاعها من جديد"، مبينًا أن "تلك المعدلات في يوليو 2018 كانت 12.15%، وحاليًا ووفق آخر إحصائيات تبلغ 12.6% وفي طريقها للارتفاع".

وأردف موضحًا أن "البطالة التي تؤثر على ملايين الشر، وصلت في تركيا إلى مستويات تاريخية إذ ارتفعت إلى 13% حسب الأرقام الرسمية، بعد أن كانت 10.1% خلال يوليو 2018، ووصل عدد العاطلين عن العمل إلى نحو 4 ملايين شخص، وهم في زيادة".

وتطرق التقرير كذلك إلى النفقات العامة خلال فترة النظام الرئاسي.

وذكر في هذا الصدد أنها "وصلت لمستويات قياسية، فوفق بيانات صادرة عن وزارة الخزانة والمالية التركية حول نشاط النفقات في مايو/أيار الماضي، بلغ عجز الموازنة إلى 13.7 مليار دولار خلال ذلك الشهر، وتجاوز إجماليه حدود الـ90 مليار ليرة خلال الفترة من يناير/كانون ثان إلى مايو/ أيار الماضيين".

التقرير أوضح كذلك أن "المسار السيء في الاقتصاد، يودي بدوره إلى تآكل الدخل القومي، فالناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من العام 2018 سجل 883.9 مليار دولار، ليتراجع إلى 758 مليار دولار خلال الربع الأول من العام 2020".

واستطرد "ومن المؤكد أن هذه الأزمات والمشكلات التي يعاني منها الاقتصاد في ظل النظام الرئاسي تنفر المستثمرين من القدوم إلى تركيا، وفي يوليو 2020 احتلت تركيا أجد المراكز الأولى بين الدول النامية من حيث (علاوة مخاطر الائتمان)".

أزمة المعيشة تزداد مع الوقت

وأشار التقرير إلى أنه "بحسب الخبراء والمحللين الاقتصاديين فإن السياسات الاقتصادية التي يتبعها النظام الحاكم خلال العامين الماضيين بعيدة كل البعد عن حل المشكلات".

وفي هذا الصدد قال البروفيسور، ويسَل أولوصوي، عضو هيئة التدريي بكلية العلوم التجارية، جامعة "يدي تبه" التركية، إن "التآكل الذي شهده الدخل القومي لتركيا خلال بضع سنوات مضت، زاد من معاناة الأسر المعيشية، وصعّب كذلك من ظروف الحياة بالنسبة لهم".

ولفت الأكاديمي التركي إلى أن بلاده "تعيش تكلفة القرار الخاطئ بالانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي"، مضيفًا "أن السياسات المتبعة في الاقتصاد من قبل النظام، وكذلك عدم الرقابة، لها تداعياتها الظاهرة للجميع".

وأشار كذلك إلى أن "الزيادة الكبيرة في معدلات البطالة التي نشهدها في الآونة الأخيرة، تبعث على القلق بشكل كبير، فوصول معدلات البطالة لـ40% بين الشباب أمر ينذر بالخطر".

وتابع قائلا "الاتجاه خلال السنوات الـ15 الماضية للتنمية والتطوير على أساس الديون الخارجية، وتأسيس الإنتاج على الاستيراد، أمران زادا من ثراء الأجانب في تركيا؛ ومع التطورات التي شهدناها خلال العامين الماضيين، سقط الاقتصاد التركي في عنق الزجاجة".

انخفاض الثقة في المؤسسات الاقتصادية

واستكمل التقرير سرد المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد، وذكر في هذا الصدد أن الفترة الأخيرة بدأت تشهد انخفاضًا في معدلات الثقة بالمؤسسات التي تصدر البيانات الاقتصادية، وليس في تلك البيانات.

وتابع قائلا "لقد باتت استقلالية العديد من المؤسسات الاقتصادية مثل البنك المركزي، وهيئة التنظيم والرقابة المصرفية، ومجلس أسواق رأس المال، وديوان المحاسبة، مثار جدل بعد الانتقال للنظام الرئاسي".

وفي هذا الصدد قال البروفيسور، أنر غونتش آفدي، عضو هيئة التدريس بكلية إدارة الأعمال بجامعة "إسطنبول التقنية"، إن "اختلاف وتعارض أهداف النظام الحاكم مع تطلعات المجتمع وآماله، تصعب من مسألة الإدارة الاقتصادية".

وشدد على أن "النظام الحاكم كان قد وعد بتحقيق الرفاهية والاستقرار للمجتمع عند انتقاله للنظام الرئاسي، وها هو بعد مرور عامين على هذا الخطوة، يتضح بشكل جلي أن هذه الوعود لم تتحقق وانقلب الأمر لمآسي".

وأشار إلى أن "النظام الرئاسي يواجه حاليًا سلسلة من المخاطر الاقتصادية، فعندما ننظر لبعض الأرقام نجد الاقتصاد يهوي بشكل كبير، وليس كما يقال من قبل النظام الحاكم أنه في تحسن".

ولفت إلى أن "السياسة التي اتبعتها تركيا خلال السنوات الأخيرة بالتركيز على قطاعي الإنشاءات والخدمات وتجاهل التصنيع، كان لها بالغ الأثر فيما وصلنا إليه الآن من أوضاع متردية".

وأكد أن "هذه المشكلات والأزمات الاقتصادية ستزداد سوءًا وبشكل أكبر إذا لم يسارع النظام بتنفيذ المشاريع التي تهم القطاعات المتأثر من هذه الأزمات".

وفي يوليو 2018 تحول نظام الحكم في الجمهورية التركية من برلماني إلى رئاسي عقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت 24 يونيو/حزيران من نفس العام، في خطوة اعتبرها كثيرون انقلابا على القواعد التي رسمها مؤسس الجمهورية، مصطفى كمال أتاتورك حينما أسس جمهوريته عام 1923.


المصدر: بوابة العين الاخبارية

تابع أيضاً

عاجل