المحتوى الرئيسى

المغترب اليمني في خير

منذ 10 شهر - 2023-06-06 [96] قراءة

قرر عبدالله الهمداني (32 عاما) -اسم مستعار- انهاء سنوات غربته الخمس في المملكة العربية السعودية والعودة إلى العيش مع أولاده وزوجته بعد ان أدخر مبلغاً من المال بعد سنوات عمله في الغربة كفيل بافتتاح مشروع صغير يعول منه أسرته.

لم تسر الظروف كما رتب لها، عبدالله الهمداني، فحين عودته اختطفته عناصر من ميليشيا ايران في اليمن من إحدى النقاط التابعة لها على مدخل العاصمة صنعاء وأودعته السجن بتهمة أنه كان يقاتل في صفوف من تصفهم بـ"المرتزقة" (مقاتلون في صفوف قوات الحكومة المعترف بها دولياً).

والاسبوع الماضي، ذكرت هيئة الإحصاء السعودية أن آخر تعداد للسكان أجري في المملكة عام 2022 كشف أن اكثر من 1.8 مليون يمني يعيشون في المملكة.

وفي وقت سابق كشف سفير السعودية لدى اليمن، محمد آل جابر، أن "قرابة اثنين مليون يمني يعملون في المملكة يحولون أكثر من 4 مليار دولار لليمن سنوياً، ليستفيد منها أهلهم وأقاربهم في اليمن الذين يصل عددهم لقرابة 15 مليون شخص".

يقول محمد، شقيق عبدالله الهمداني، لـ"المشهد الخليجي" إنه تلقى اتصالاً من أحد الأشخاص يبلغه بنبأ اختطاف شقيقه، ليبدأ مشوار البحث عنه ومكان سجنه والأسباب التي تقف وراء ذلك.

يضيف محمد: "حاولت كثيراً البحث عن مكان اختطافه، وحين توصلت إليه بدأت عملية التفاوض معي من أجل اطلاق سراح شقيقي"، متابعاً: "طلب مني مبلغا مالياً من المال عن كل سنة قضاها في غربته بواقع 300 ريال سعودي عن كل عام".

وأشار محمد إلى أنهم أخبروه بانه في حال رفض اعطائهم المبلغ سيتم تقدم محاكمة شقيقه على أنه ارتكب "خيانة بحق الوطن" وستكون العقوبة قاسية وسيتم مصادرة أمواله".

وأكد محمد انه حاول الرفض في بداية الامر إلا أنه وافق على مضض وقام بدفع المبلغ بعد مساومات كثيرة معه من قبل عناصر ميليشيا ايران لإخراج شقيقه من السجن".

إجراءات رقابية

وفي العام 2021 فرضت ميليشيا ايران في اليمن، رسميا أموالا على السكان والطلاب الذين يسافرون إلى الخارج في عدة مناطق بينها وبين مناطق الحكومة الشرعية، وتختلف أسعار الرسوم على عدة معايير تبلغ أعلاها 60 ألف ريال أو ما يزيد عن 100 دولار أمريكي بسعر الصرف في صنعاء.

كما فرضت ميليشيا ايران شروطاً مشددة على المغتربين من مناطق سيطرتها برسوم باهظة، فضلاً عن تقديم كافة بيانات أملاك المغتربين وعناوين أقاربهم.

وفي فبراير 2021 طالبت ميليشيا ايران مكاتب السفر برفع كافة البيانات الشخصية والعائلية الخاصة بالمسافرين إلى السعودية، وتقديم ضمانات تمكن الجهاز من اعتقال أو ضبط أقرباء المغادرين خارج اليمن.

وقام ما يسمى بـ"جهاز الأمن والمخابرات" التابع لميليشيا ايران في اليمن بتوزيع استمارة بيانات على مكاتب السفر تلزم المسافرين المغادرين بتعبئتها كضمانات حضورية وتسجيل كافة التفاصيل منها السكن والأهل والأقرباء والمنطقة وتوثيق سجلات خمسة من الأقارب في اليمن والأقارب المتواجدين خارج البلاد.

وفي إطار مشروع ذراع إيران باليمن، بنهب أموال اليمنيين، أقدمت مليشيا الحوثي الانقلابية، على إصدار قرار جديد قضى بدفع جميع المغتربين اليمنيين في أمريكا جبايات غير مشروعة، مقابل السماح لهم بالدخول إلى مناطق سيطرتهم.

وقالت وسائل إعلام محلية إن اليمنيين الحاملين الجوازات الأمريكية لا يستطيعون دخول مناطق سيطرة المليشيات الحوثية، إلا بعد دفع مبلغ مالي في إحدى النقاط تحت مسمى رسوم دخول الوطن.

انتهاكات لا تتوقف

وبين حين وآخر تنشر وسائل إعلام يمنية أنباء عن مقتل مغتربين يمنيين في الخارج على يد عناصر ميليشيا إيران في اليمن، أو عصابات تقطع تنتشر في مناطق سيطرتها ويكون هدفها الأول "المغترب" وسلبه كل مدخراته حين عودته.

ولا تتوقف الانتهاكات من قبل ميليشيا إيران في اليمن، بحق المغتربين في الخارج الذين يشكلون العمود الأخير في نعش الاقتصاد اليمني المنهار، وسط صمت دولي وأممي إزاء هذه الانتهاكات ضد المدنيين، أو نهب الحوالات التي يرسلونها إلى أسرهم عبر شركات الصرافة الخاضعة لسيطرة الميليشيا عبر تخفيض أسعار الصرف بشكل لا يتناسب مع واقع الاقتصاد اليمني "المنهار".

نهب التحويلات

ويرى مراقبون اقتصاديون أن تحويلات المغتربين اليمنيين إلى الداخل تشكل رافدا اقتصاديا مهما، ومصدر رئيسي للنقد الأجنبي في البلاد، الأمر الذي حافظ بشكل نسبي على استقرار سعر الصرف، وأحدث نوعا من التوازن بين العرض والطلب في سعر الصرف، نتيجة تدفق تحويلات المغتربين لأسرهم وأهاليهم في الداخل اليمني، إلا أن ميليشيا إيران تصر على نهب هذه الأموال من خلال التحايل عليها وبخس سعرها الحقيقي.

وبلغت قيمة تحويلات المغتربين عام 2015 حوالي 3.3 مليارات دولار، لترتفع قليلاً إلى 3.7 مليارات دولار في 2016، وظلت مستقرة عند هذه المستويات في العامين اللاحقين، حتى بدأت في الانخفاض عام 2019 إلى ما دون 3 مليارات دولار، لتنهار بنحو 70% عن هذه المستويات في 2020 الذي شهد انتشار وباء كورونا عالمياً، لتعود للتعافي مجددا ولتقترب من 4 مليار دولار عقب الجائحة.

وتشكل تحويلات المغتربين اليمنيين من الدول الأوروبية وأميركا الشمالية، حوالي 35% من إجمالي التحويلات إلى اليمن، بينما تأتي النسبة الأكبر من بلدان الخليج العربي، الذي يتخوف الكثير من اليمنيين من تقلص أعدادهم في ظل سياسات التشغيل التي تتبناها العديد من دول الخليج منذ سنوات، والرامية إلى توطين الوظائف تدريجياً وتقليص أعداد الوافدين.

ويشير المراقبون إلى أن ميليشيا ايران في اليمن تتدخل بتحديد سعر مسبق لقيمة الدولار والريال السعودي، أمام الطبعة القديم من الريال اليمني، لا يعبر عن السعر الحقيقي في السوق، ولا يتناسب مع حجم التضخم ومستوى ارتفاع المعيشية وغلاء أسعار السلع والمواد الغذائية.

واعتبر المراقبون أن "ما يحدث نهب لمدخرات المواطنين من العملة الصعبة، كونها لا تفي بالغرض من توفير المتطلبات الأساسية للعيش، وإنما يقتصر الأمر على كيفية كسب الحوثي مزيد من العملة الصعبة، من تحويلات المغتربين ومدخرات المواطنين، دون إدراك لطبيعة الاختلال الحاصل واتساع الفجوة في سعر الصرف".

وأشار المراقبون أن "ما يساعد الحوثي على الاستيلاء على أموال المغتربين هو تواجد المراكز المالية للمصارف وشركات الصرفة والبنوك في صنعاء التي تمكنها من التحايل على تحويلات المغتربين ومدخرات المواطنين من العملة الصعبة".


المصدر: بوابتي

تابع أيضاً

عاجل