المحتوى الرئيسى

مريم الحمادي: حواجز وهمية تعيق دخول المرأة مجال العمل الإنساني

منذ 1 اسبوع - 2024-04-18 [56] قراءة

تركت مريم الحمادي، مدير عام مؤسسة «القلب الكبير»، بصمة واضحة منذ بداية انضمامها، عام 2012، كمدير مساعد لحملة «سلام يا صغار»؛ لتتولى منصب مدير عام «المؤسسة» منذ نوفمبر 2023، بقرار من قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة «القلب الكبير». وتحت قيادة مريم الحمادي، تمكنت «المؤسسة»، من خلال مشاريعها ومبادراتها الإنسانية، من تحسين حياة أكثر من 4 ملايين مستفيد، في أكثر من 25 دولة. تخرجت مريم الحمادي في كليات التقنية العليا عام 2007، بحصولها على درجة البكالوريوس في المحاسبة؛ لتبدأ مسيرتها المهنية كمسؤولة مخاطر الائتمان في «طيران الإمارات» عام 2008، لمدة أربع سنوات، ليصل بها عشقها للعمل الإنساني إلى مؤسسة «القلب الكبير»؛ لتترك بصمة واضحة عليها.. حول تجربتها ودورها في «المؤسسة»، كان لـ«زهرة الخليج» الحوار التالي:

بدايةً.. حدثينا عن دورك في قيادة «القلب الكبير»، التي باتت من أبرز المنظمات العالمية في العمل الإنساني!

التفرغ للعمل الإنساني من خلال قيادة مؤسسة إنسانية ليس سهلاً؛ إذ تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة، فهي مطالبة بالاستجابة للطوارئ، ومتابعة احتياجات اللاجئين والنازحين، وضحايا الصراعات والكوارث الطبيعية، من خلال شبكة واسعة من العلاقات الدولية. بجانب أن القوانين والضوابط، التي تحدد ممارسات المؤسسة الإنسانية ليست كتلك التي تحدد ممارسات مؤسسات المجالات الأخرى. وعلينا العمل وفق الأولويات والحاجات الإنسانية الملحة، فعملنا مرتبط بحياة الأشخاص وأمانهم وكرامة عيشهم، وأي تقصير يعني حدوث ضرر لا يمكن تعويضه. لذلك، نحن بحاجة إلى العمل المستمر، والجاهزية النفسية والعقلية، وأيضاً إلى الجرأة في اتخاذ القرار، وهذا يجسد دوري في «المؤسسة»، والذي أفخر بالقيام به بتوجيهات من قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة «القلب الكبير»، فلسموها الفضل في تحديد الرؤية والاستراتيجية، وترك المساحة الكافية لإبداع إدارة «المؤسسة» في التنفيذ السليم. ليس من السهل أن يتحدث الإنسان عن منجزاته، لكنني أستطيع أن أقول إننا حققنا الكثير مما نفخر به في «القلب الكبير»؛ فقد سعيت، برعاية سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، إلى أن تكون «المؤسسة» مكوناً بارزاً من شبكة العمل الإنساني الدولية، وهذا ما تحقق فعلاً؛ فسمعة «المؤسسة» تسبقها إلى كل مكان، إذ نالت ثقة عالية ببرامجها ومشاريعها في البلدان التي عملت بها؛ فجهودنا في إرسال مفهوم الاستدامة بالمشاريع الإنسانية قد أثمرت الكثير من المنجزات، ومنها مشاريع طويلة الأجل، ومستمرة الأثر، مثل: بناء المرافق التعليمية والصحية، وإنشاء المشاريع التجارية والصناعية، وتمكين المجتمعات من تنمية مهارات أبنائها.

معايير الاختيار

كيف يتم اختيار فريق عمل «القلب الكبير»، وماذا عن دورك في تمكين المرأة، داخل «المؤسسة» وخارجها؟

أعتمد في اختيار فريق العمل على مبدأ تكافؤ الفرص وأولوية المهارات، بمعنى أن إمكانيات الموظف تحدد قبوله من عدمه، وليس جنسه، بجانب استعداده للعطاء. وهذا، في حد ذاته، يحفز المرأة خارج «المؤسسة» وداخلها، ويشجعها على تطوير قدراتها، والاهتمام بتنمية معارفها. وقد أثبتت النساء والفتيات، العاملات ضمن فرق «المؤسسة» ذلك بجدارة، ونحن نعمل باستمرار على توفير الدعم الفني، والتدريب اللازم لفريق عملنا، وبشكل خاص الفتيات. أما الشق الثاني من السؤال، فكما تعلمون تشكل النساء الشريحة الأكثر تضرراً بسبب الحروب والصراعات والكوارث، إلى جانب أن دعم المرأة في مواجهة مثل هذه الظروف، هو دعم للأسرة بأكملها، خاصة الأبناء الذين يعتمدون عليها. لذلك، كانت للمرأة مساحة واسعة في مشاريعنا الإنسانية المتنوعة، حيث حرصنا على أن يكون هدف هذه المشاريع هو دعم المرأة للنهوض بها، واستنهاض مجتمعها أيضاً.

هل يمكن أن تذكري لنا أبرز هذه المشاريع، وتلك المبادرات؟

لدينا مجموعة من الصناديق، كلٌّ منها مخصص لدعم فئة اجتماعية معينة أو مجال تنموي بعينه، من بينها صندوق دعم وتمكين الفتيات، الذي يهدف إلى معالجة قضايا زواج القاصرات، والاتجار بالفتيات، والحصول على التعليم والرعاية الصحية، بالإضافة إلى معالجة الثغرات المتعلقة باحتياجات ملايين الفتيات في المجتمعات المحتاجة. وقد نفذ الصندوق، حتى الآن، أربعة مشاريع رئيسية، في قطاعات

مختلفة، وهناك ما يزيد على 67 ألف فتاة استفدن منها. أيضاً، أقامت «المؤسسة» مصنعاً للملابس الجاهزة في محافظة قنا بصعيد مصر، تعمل به 426 عاملة وإدارية، ويدار بالكامل من قِبَل النساء. من ناحية ثانية، نحن نعمل على تحفيز المرأة، من خلال تقديم نماذج للفتيات والنساء اللاجئات والنازحات، وفي المجتمعات المحتاجة، اللواتي تحدين الظروف، وتغلبن على الصعوبات، وساهمن في مساعدة الناس والمحتاجين. وفي هذا السياق، أنتجنا الفيلم الوثائقي الأول لـ«القلب الكبير» بعنوان «حكاية حي»، ويروي الفيلم قصة «أسماء»، اللاجئة السورية التي لم تُكمل تعليمها، والتي أطلقت مشروعاً للقراءة في مخيم الزعتري بالأردن لتمكين الفتيات اللاجئات، ومساعدتهن على بناء حياتهن. «أسماء» أم لأربعة أطفال، تحولت حياتها إلى الأفضل؛ بعد أن وفرت لها منظمة «نحن نحب القراءة» الخيرية الأردنية

الدعم والتدريب. ويتتبع الفيلم رحلتها التي بدأتها كمتدربة متطوعة، وانتهت بها رائدة أعمال اجتماعية، أطلقت مشروعها القرائي الخاص، وقادته نحو النجاح.

كيف تقيمين دعم دولة الإمارات العربية المتحدة للمرأة؟

في دولة الإمارات، يشكل الإنسان محور الاهتمامات والسياسات والبرامج والمبادرات، التي تطلقها الجهات الحكومية والخاصة، ومؤشرات الأمن والسعادة والاستقرار المتقدمة، التي حققتها الدولة على أهم قوائم التصنيفات العالمية تؤكد ذلك، فالدولة تركز - بشكل خاص - على دعم وتمكين وتسهيل شراكة المرأة في القطاعات غير التقليدية، كما تحقق الكثير من المنجزات على هذا الصعيد، ولا توجد لدينا حالات عدم مساواة، أو فجوة بين الجنسين كالتي تعانيها المرأة في مجتمعات كثيرة، وهذا يعود إلى حكمة قيادتنا،

والتوافق بين هيئاتنا ومؤسساتنا باعتماد مبدأ العدالة والتكافؤ في المجالات كافة.

استراتيجيات.. وشراكات

بلغة الأرقام.. ما أهم منجزات ومشاريع «القلب الكبير»؟

خلال السنوات العشر الماضية، نفذت «القلب الكبير» عدداً كبيراً من المشاريع، التي توزعت على قطاعات إنسانية شاملة، تهدف إلى بناء وتطوير مشاريع إنسانية مستدامة. خلال العقد الماضي، شملت جهود «المؤسسة» ثلاث قارات، نفذت فيها عبر صناديقها المختلفة 179 مشروعاً، بلغت قيمتها أكثر من 199.314.958، واستفاد منها أكثر من 5.6 ملايين شخص في 33 دولة. شملت هذه المشاريع إنشاء مرافق صحية وتعليمية ومراكز دعم مجتمعي، بجانب تدريب وتأهيل وتنمية المواهب الفنية والثقافية؛ لإيماننا بدور هذه المواهب في نهضة المجتمعات.

ما أهم الاستراتيجيات، التي تتبناها «القلب الكبير»؛ لإشراك المجتمع المحلي في الأعمال الإنسانية؟

تدرك «المؤسسة» أن المجتمع حاضنة العمل الإنساني، والداعم الأكبر لممارسات الخير والعطاء ومساعدة المحتاجين، وتعمل بشكل دائم على إشراك المجتمع في الأعمال الإنسانية، وإتاحة الفرصة لجميع أفراده؛ للتعبير عن قيمهم وثقافتهم. كما تعتمد «القلب الكبير» في سبيل ذلك مبادئ عدة، منها حملات توعية وتثقيف، تركز فيها على دور المجتمعات في الأعمال الإنسانية، وعائد هذه الأعمال على قيم وثقافة المجتمعات والأفراد، بالإضافة إلى تنظيم حملات الاستجابة للحالات الإنسانية الطارئة، وفتح المجال أمام الفئات الاجتماعية كافة؛ للتبرع والمساهمة، والتعبير عن واجبها. وعلى صعيد تشجيع الممارسات العملية، تفتح «المؤسسة» باب التطوع للأفراد الراغبين في المساهمة بالدعم اللوجستي للحملات؛ لما لهذه المشاركة من دور في تحفيز المشاعر النبيلة. وتصل استراتيجية «القلب الكبير»، في ترسيخ الشراكة المجتمعية، إلى بناء الشراكات بينها وبين بقية المؤسسات والهيئات المحلية، التي تشكل دعامةً رئيسية لمشاريعنا، وبرامجنا الإنسانية.

كيف ترين شراكة المرأة بالعمل الإنساني، وما مدى الإقبال على المشاركة فيه؟

على الرغم من صعوبة الظروف المحيطة بالعمل الإنساني العالمي على الأرض، بسبب الصراعات والحروب والمناطق المنكوبة بالكوارث، فمساهمة المرأة في هذا المجال في تزايد مستمر، إذ تحقق منجزات عظيمة، وتُظهر التزاماً غير مسبوق بمسؤولياتها وواجباتها تجاه المهام المطلوبة منها، وهذا يدل على أن الحواجز والتحديات التي تعيق دخول المرأة هذا المجال وهمية، إذ تحتاج فقط إلى قرار شجاع وثقة لتخطيها. ومن هنا، أدعو المرأة والفتاة العربية إلى خوض هذا المجال، وأنا على ثقة بأنها ستجد فيه من النجاح والتميز والرضا ما لم تجده في مجال آخر.

هل يوجد تعاون بين «المؤسسة» وجهات أخرى.. محلية أو دولية؟

كما ذكرت، من قَبْلُ، تشكل الشراكات ركيزة مهمة للعمل الإنساني، فنحن لا نقوم بالشراكات عند الحاجة فقط، بل نسعى إليها لبناء شبكة عالمية قوية، تكون قادرة على الاستجابة السريعة للحالات الطارئة، وأيضاً على توفير الدعم المستدام للمجتمعات المستضعفة. لذلك، نتعاون مع جهات عدة، ونعمل على مبادرات ومشاريع مشتركة داخل الدولة وخارجها، ولدينا شراكات وتعاونات مع منظمة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة اليونيسيف، ومنظمة قرى الأطفال الدولية (SOS)، ومؤسسة التعاون (Welfare Association)، ومنظمة إنقاذ الطفل الدولية (Save the Children)، وغيرها من الشراكات في المجتمعات المحلية، التي ننفذ بها برامجنا ومشاريعنا.


المصدر: صحيفة المرصد

تابع أيضاً

عاجل