المحتوى الرئيسى

متداولو السلع يراهنون على البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي

منذ 1 اسبوع - 2024-04-23 [74] قراءة

يتجه القطاع إلى استثمار أحدث الأدوات التكنولوجية مع احتدام المنافسة مع صناديق التحوّط

ينظر أكبر متداولي السلع على مستوى العالم بشدة في معالجة البيانات وتحليلها، في سياق سباق للتمتع بتفوق تكنولوجي على منافسيهم.

تكثّف مجموعات مثل «فيتول» و«ترافيغورا» من تركيزها على كيفية الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في أكثر الصناعات مادية، بعدما اعتادت الاعتماد على صلاتها السياسية والمصافحات، وكذلك المهارات اللوجستية لنقل الموارد الطبيعية من أماكن نائية إلى المشترين الراغبين.

وصف راسل هاردي، الرئيس التنفيذي لدى «فيتول»، أكبر متداول للنفط على مستوى العالم، الأمر بأنه «سباق تسلّح بطريقة أو بأخرى». وتابع هاردي، في تعليقات أدلى بها خلال قمة «فايننشال تايمز» للسلع العالمية في لوزان هذا الشهر، أن شركات التداول كانت تسعى لاستخدام الذكاء الاصطناعي بطريقتين أساسيتين، وهما تحسين كفاءة الأعمال و«التفوق» في التداولات عن طريق التمتع بقدرات تحليلية تتخطى تلك المتوفرة للمنافسين.

وقال الرئيس التنفيذي: «أعتقد أننا جميعاً نحاول الوصول إلى القمر أولاً»، وأردف: «لكن أود الإشارة إلى أن الأمر داعم لكفاءة الأعمال اليوم على نحو أكبر مقارنة بفك شيفرة ما ستفعله الأسواق بعد ظهيرة اليوم».

حققت «فيتول» الخاصة، التي توظّف نحو 1800 شخص، صافي أرباح قياسياً يبلغ 15.1 مليار دولار في 2022، ونحو 13 مليار دولار في 2023، ما يجعلها واحدة من أكثر الشركات ربحية في العالم على أساس نصيب الفرد.

ويعد التوجه نحو استثمار أحدث الأدوات التكنولوجية بمثابة رد فعل جزئي حيال المنافسة من صناديق التحوّط، وفرق تداول أخرى معتمدة على البيانات من تلك التي لا تتعامل كثيراً في نقل السلع المادية، لكنها تمكنت من التأسيس لأعمال تداول مربحة، من خلال تداول الأوراق المالية المرتبطة بالسلع ومنتجات مالية أخرى.

وتعد أكثر عمليات التداول المعتمدة على البيانات تقدماً في القطاع هي تلك التي يجريها صندوق سيتاديل للتحوط، الذي يتخذ من ميامي مقراً له. وعيّن الصندوق متداول السلع سيباستيان باراك من «ماكواري» في 2017، من أجل قيادة دفة عمليات أكبر في مجالي الطاقة والمواد الخام.

وفي سبيل السعي وراء التمتع بميزة معلوماتية، تمثل أحد التحركات التي أجراها باراك في تعيين فريق قوي مكون من 20 فرداً لتوقعات الطقس. وتضخم الفريق الأوسع لتداول السلع منذ ذلك الحين إلى أكثر من 300 شخص، يشملون محللين ومهندسين.

صرح باراك لـ«فايننشال تايمز» بأن النفط والمنتجات المكررة بين أحد المجالات التي ازدادت فيها البيانات المتاحة عن مستويات المعروض وأنماط الطلب والمتغيرات اللوجستية في الأعوام الأخيرة. وقال باراك: «إن النمو الأغزر للبيانات التي تصبح متاحة لنا يجعل منا مستثمرين أكثر اطلاعاً بالمعنى الحرفي».

وبالنسبة لاستراتيجيات التداول المعتمدة على البيانات، سلط باراك الضوء على كون انتقال الطاقة واعداً لها؛ لأنه يزيد من التعقيد ويتطلب أدوات أكثر تطوراً لنمذجة الأسواق، لا سيما عندما يكون هناك نقص في المعلومات التاريخية في مجال جديد. وأوضح: «يزداد التعقيد كلما توفر مزيد من التفاصيل، وكلما ازداد نقص البيانات التي تعكس الماضي كان ذلك أفضل لنا».

جنت «سيتاديل» أرباحاً قياسية قدرها 16 مليار دولار في 2022، لتحل محل «بريدجواتر» كأكثر صناديق التحوّط نجاحاً على الإطلاق، بحسب بحث أجرته «إل سي إتش إنفستمنتس». ونشرت «فايننشال تايمز» أن أكثر من نصف هذه المكاسب تقريباً كان بفضل السلع، مع تربّح الشركة، شأنها شأن شركات أخرى، من التقلبات المفرطة التي مُنيت بها أسواق الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا. ورفضت «سيتاديل» الكشف عن أدائها في 2023.

تجدر الإشارة إلى أن القدرة على معالجة أحجام كبيرة من البيانات تعد مهمة على وجه الخصوص في مجال تجارة الطاقة سريع النمو، حيث تولّد الطبيعة المنظمة لأسواق الكهرباء كميات كبيرة من المعلومات.

تشير تقديرات شركة ماكنزي للاستشارات إلى تمكّن شركات التداول المعتمدة على البيانات من الحصول على ربع أرباح تداول الغاز والطاقة على مستوى العالم في 2022، بزيادة من أقل من 5% في 2021.

أجبرت هذه المنافسة المتداولين التقليديين للسلع، مثل «ترافيغورا»، على الاستثمار لمواصلة المضي قدماً، وهي التي حققت أرباحاً بقيمة قياسية بلغت 7.4 مليارات دولار في 2023. ليس ذلك فحسب، بل أسست الشركة قسماً قوياً للتداول قبل ثلاث سنوات.

لفت ريتشارد هولتوم، رئيس قسم الغاز والطاقة المتجددة والطاقة لدى «ترافيغورا»، إلى أن فريقه «يحمّل مليارات البتات من البيانات إلى السحابة» كل يوم. وأسهب: «يتمثّل التحدي في استخدام الذكاء الاصطناعي من أجل استثمار هذه البيانات على نحو أفضل، وبطريقة أكثر كفاءة، تحسيناً لقرارات التداول التي نتخذها بناءً على ذلك». وأضاف: «أعتقد أننا على طرف جبل جليد ما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفعله في الوقت الراهن».

كانت «ميركوريا» التي تتخذ من سويسرا مقراً لها، وتأسست في 2004 على أيدي ماركو دوناند ودانييل ييغي، متداولة للنفط في المقام الأول، لكنها عززت من عمليات تداول الطاقة في 2014، باستحواذها على جزء من أعمال السلع المادية لدى «جيه بي مورغان».

وأفاد دوناند لـ«فايننشال تايمز» بأن ميزة المعلومات التي راكمها لاعبون في السوق معتمدين على البيانات أمثال «سيتاديل»، تساعدهم في اتخاذ مراكز أكبر في السوق، لافتاً إلى أن الذكاء الاصطناعي من شأنه مساعدة «ميركوريا» في رأب هذه الفجوة.

وقال دوناند: «إذا كنت تريد محاكاة سيتاديل باعتبارها مثالاً لجمع البيانات، فأعتقد أن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً والكثير من المال؛ لذا فنحن نقضي وقتاً طويلاً ونبذل جهداً مضنياً في تطوير آلات الذكاء الاصطناعي خاصتنا من أجل رأب هذه الفجوات». ونوّه دوناند ببلوغ أرباح «ميركوريا» 2.7 مليار دولار في 2023، بتراجع طفيف من 3 مليارات دولار في العام السابق.

ومع ذلك، فلن يكف المتداولون الماديون عن الانخراط في السوق.

وأضاف دوناند: «يمكنك في حقيقة الأمر أن تكون مشاركاً في السوق من دون الحاجة للتداول المادي، لكن هذا لا يناسبنا»، وتابع: «أعتقد جازماً في حاجة العالم للطاقة، وكوننا متداولين للطاقة، لذا فإن لم تقم على نقل هذه الأشياء، فأنت تعلم أن العالم سيتوقف عن العمل».


المصدر: المنتصف نت

تابع أيضاً

عاجل