المحتوى الرئيسى

هل يدفع بايدن ثمن قمع احتجاج الجامعات ضد حرب غزة؟

منذ 1 اسبوع - 2024-04-26 [73] قراءة

مع تفاقم عمليات قمع الاحتجاجات الطلابية على الحرب في غزة داخل الجامعات الأميركية بعد أن دخلت شهرها السابع، تسلط الأضواء على التحديات السياسية التي تواجه الرئيس جو بايدن بسبب محاولته تحقيق توازن بين إدانة معاداة السامية في الجامعات ودعم حق الطلاب في الاحتجاج. فهل ينجيه ذلك من عواقب دعمه غير المشروط لإسرائيل؟ أم يدفع ثمن تجاهل استياء الشباب الأميركي من سياساته في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟

بايدن على المحك

على رغم محاولات الرئيس بايدن النأي بنفسه عن المشهد الملتهب الآن في نحو 200 جامعة أميركية من بينها غالبية الجامعات المرموقة، فإن الغضب المتصاعد بين طلبة الجامعات بسبب قمع تظاهراتهم والانقسام داخل الحزب الديمقراطي بين المؤيدين والمعارضين للحرب في غزة، قد يلحق به الضرر بينما يقترب من انتخابات شديدة التنافس مع الرئيس السابق دونالد ترمب الذي اتخذ موقفاً متناقضاً مع بايدن حيال كيفية معالجة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات.

وينذر تغير المشهد وتحوله بسرعة إلى مزيد من السخونة بالأسوأ من خلال امتداد الحركة الاحتجاجية لقطاعات أوسع، بسبب محاولات إدارات بعض الجامعات وحكام الولايات قمع المتظاهرين من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس المعارضين للهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ فرقت الشرطة تظاهرة، أمس الخميس، بجامعة "إيموري" في أتلانتا، وتم اعتقال مئات الأشخاص في جامعات عديدة في كاليفورنيا وماساتشوستس وكونيكتيكت ونيويورك وتكساس وولايات أخرى، خلال احتجاجات متوترة حمل رجال الشرطة، في بعضها، هراوات، وامتطوا الخيول، كما حدث في جامعة "تكساس – أوستن"، بينما تواجه الجامعات ضغوطاً إضافية تتمثل في احتفالات التخرج في مايو (أيار).

"كولومبيا" بؤرة ساخنة

لكن جامعة "كولومبيا" أصبحت النقطة الأكثر سخونة تحت أضواء الإعلام في المعركة السياسية الدائرة الآن بعدما تعرضت رئيستها المصرية الأصل نعمت (مينوش) شفيق للمساءلة في الكونغرس، وزار الجامعة رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون للضغط على الجامعة ومطالبة رئيستها بالاستقالة، ودعا ولاية نيويورك والرئيس بايدن إلى اللجوء للحرس الوطني للسيطرة على التظاهرات، مما دفع حاكمة نيويورك الديمقراطية كاثي هوشول إلى اتهامه بتسييس الاحتجاج من خلال قدومه إلى الحرم الجامعي، ونفت أنها تخطط لاستدعاء الحرس الوطني في الوقت الحالي، كما قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير إن الأمر ليس من اختصاص الرئيس بل يحدده حكام الولايات، لكنها أوضحت أن بايدن انتقد الاحتجاجات، في السابق، ووصفها بأنها معادية للسامية، وهو ما يشير إلى سعى إدارة بايدن إلى التوازن في المواقف.

وفيما حاولت إدارة جامعة "كولومبيا" خفض التصعيد مع المحتجين عبر الإعلان عن التوصل إلى اتفاق مع ممثلي الاحتجاج يقضي ببقاء الطلاب في مخيم أقاموه، واتخاذهم خطوات لجعل المخيم موضع ترحيب للجميع وحظر اللغة التمييزية أو المضايقة، تواصلت "اندبندنت عربية" مع عضو مجلس النواب الأميركي عن ولاية نيويورك دانييل غولدمان الذي زار الجامعة، الإثنين، بصحبة ثلاثة آخرين من النواب الديمقراطيين اليهود.

وعبر غولدمان عن شعوره بالإحباط عندما علم بالخوف وانعدام الأمن والمعاناة التي يعانيها الطلاب اليهود في جامعة "كولومبيا" بسب ما وصفه بالمضايقات والكراهية والعداء للسامية في الحرم الجامعي، مشيراً إلى أن كل شخص له الحق في حرية التعبير، لكن غولدمان رفض اعتبار أن هذه القضية تتعلق بالتعديل الأول من الدستور الذي ينص على حرية التعبير، لأنه بموجب القانون، يقع على عاتق المؤسسات الأكاديمية التزام أكبر بضمان سلامة وأمن جميع طلابها.

معاداة السامية

وعلى رغم أن بعض الطلاب اليهود يشعرون بالقلق وعدم الأمان في الحرم الجامعي بسبب الهتافات التي يقولون إنها معادية للسامية، ينفي منظمو التظاهرات معاداتهم لليهود، ويشيرون إلى أن احتجاجاتهم اجتذبت أبناء الديانتين اليهودية والإسلامية بمن فيهم مجموعات مثل "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" و"الصوت اليهودي من أجل السلام".

وتشير روني برون من "تحالف خريجي جامعة هارفرد اليهود" لـ"اندبندنت عربية" إلى أنها لا تعتبر المتظاهرين معادين للسامية، لأنها لا تستطيع الحكم على شخص بفعل واحد أو من خلال صورة سريعة على وسائل التواصل الاجتماعي، على رغم تأكيدها أنها رأت كثيراً من اللافتات الاحتجاجية التي تحمل أقوالاً معادية للسامية، لكن ذلك لا يعني أن الشخص الذي يحملهم معاد للسامية.

وتوضح روني برون أن حرية التعبير أمر أساس للديمقراطية الليبرالية، وأنها ترفض منع الاحتجاجات سواء كانت مؤيدة أو مناهضة للفلسطينيين، كما ترفض استخدام القوة لوقف الاحتجاجات إلا رداً على العنف أو التهديد المباشر بالعنف.

توازن صعب

وبينما أصدر الطلاب في الجامعات التي اندلعت فيها الاحتجاجات دعوات لوقف دائم لإطلاق النار في غزة، وإنهاء المساعدة العسكرية الأميركية لإسرائيل، وسحب استثمارات الجامعات من موردي الأسلحة والشركات الأخرى المستفيدة من الحرب، والعفو عن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين تمت معاقبتهم بسبب الاحتجاج، امتد تأثير الحرب إلى نطاق أوسع بكثير إذ تعتقد غالبية الديمقراطيين في استطلاعات الرأي أن الولايات المتحدة يجب أن تحد من المساعدات العسكرية لإسرائيل، وسط مخاوف في شأن سقوط عشرات الآلاف من المدنيين في غزة واتهامات أخرى لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب.

ومع ذلك حاول الرئيس الديمقراطي جو بايدن، الذي انتقده المتظاهرون لتزويد إسرائيل بالتمويل والأسلحة، أن يحقق توازناً صعباً بين الضغوط المتصاعدة داخل حزبه الديمقراطي، وبين إظهار الدعم القوي لأقرب حليف لواشنطن في الشرق الأوسط، عبر إدانة الاحتجاجات المعادية للسامية وتسليط الضوء أيضاً على التمييز ضد العرب وإعادة تأكيد حق الناس في الاحتجاج ومعالجة المعاناة الفلسطينية.

ويعكس هذا النهج الوسطي للرئيس بايدن، محاولة الحفاظ على تماسك ائتلافه المتباين من الناخبين، الذي يشمل الشباب والملونين والمستقلين والجمهوريين المعتدلين، إذ فاز الرئيس بالناخبين الشباب بهامش كبير عام 2020، ويتطلع إلى تكرار ذلك في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل مع الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة، بخاصة في الولايات المتأرجحة، لكن حملة بايدن تواجه تحدياً لأنها تسعى إلى تجنب تنفير الناخبين الشباب والتقدميين الذين يطالبون بإنهاء الحرب، وفي الوقت نفسه إرضاء الناخبين المستقلين والجمهوريين المعتدلين، الذين يدعم كثر منهم استمرار المساعدات العسكرية لإسرائيل.

ضرر محتمل

وعلى رغم صعوبة استخلاص حكم واضح حول تأثير الاحتجاجات المتزايدة على الانتخابات الآن، وعدم اليقين من أن أي شيء يضر بايدن سياسياً يمكن أن يفيد خصمه ترمب تلقائياً، فإن الخبيرة في الشؤون السياسية والدولية إيما شورتس اعتبرت لـ"اندبندنت عربية" أن المحتجين الذين يشعرون بالفزع من دعم إدارة بايدن المستمر لإسرائيل، ويشعرون بالإحباط العميق بسبب عدم رغبتها في تغيير نهجها بصورة جوهرية، سيضرون بايدن انتخابياً إذا لم يستجب لهم، بخاصة أن هناك دلائل على ذلك ظهرت في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في ميشيغان.

وعلى نطاق أوسع، تعكس معدلات التأييد المنخفضة للغاية لبايدن الشعور بالخيانة الذي شعر به كثر ممن صوتوا له عام 2020، عندما قدمت حملته الانتخابية رسالة تعاطف ووعد بأن يكون جسراً للجيل المقبل، ووفقاً لشورتس المتخصصة في السياسات الأميركية بجامعة "أر أم أي تي"، سيحتاج بايدن إلى الحفاظ على تحالف الناخبين الفضفاض الذي أوصله إلى السلطة، غير أن الاحتجاجات المستمرة في الجامعات تشير إلى أن هذا الأمر أصبح الآن أقل احتمالاً مما كان عليه قبل أربع سنوات.

وفي حين امتنع أربعة أعضاء في مجلس النواب من الديمقراطيين التقدميين الذين اتصلت بهم "اندبندنت عربية" عن التعليق حول احتجاجات الجامعات وانعكاسها على بايدن وهم ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز ورشيدة طليب وبراميلا دجيابال ورو خانا، أوضحت إيما شورتس أن محاولة بايدن إحداث نوع من التوازن بين إدانة معاداة السامية، وتسليط الضوء على التمييز ضد العرب والحق في الاحتجاج، لن يساعده على التغلب على الانقسامات بين الديمقراطيين.

أضافت شورتس أن الاحتجاجات ليست معادية للسامية، وإنما لمعارضة الإبادة الجماعية، محذرة من أن الإصرار المستمر على تأطير أي معارضة لعنف الدولة الإسرائيلية في غزة على أنها معاداة للسامية يقوض عمداً الرسالة اللاعنفية والسلمية للمتظاهرين، وبينما يقول البيت الأبيض الأشياء الصحيحة في شأن إعادة تأكيد حق الناس في الاحتجاج، فإن وجود شرطة نيويورك في جامعة "كولومبيا"، من شأنه أن يقوض هذه الرسالة بشدة، بحسب وصفها.

هل يستفيد ترمب؟

وفي حين يبدو أن بايدن غارق في كيفية معالجة الانقسامات في حزبه حيال إسرائيل، انتهز الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية دونالد ترمب الفرصة ليوجه سهام انتقاداته لخصمه بايدن، إذ اعترض على طريقة تعامله مع الاحتجاجات التي وصفها بأنها فوضوية قائلاً "الرئيس الأميركي لا يعرف ماذا يفعل عبر محاولته أن يتخذ حلاً وسطاً، والذي لا ينجح في كثير من الأحيان، ولا ينجح بالتأكيد الآن".

ورأت شورتس أن ترمب يستخدم هذه الاحتجاجات كسلاح لتعزيز روايته حول أميركا التي تعاني تحت الحصار، وبطبيعة الحال، ستكون قاعدة دعمه الأساسية متقبلة لهذه الرسالة، كما أن رسالة "القانون والنظام" كانت، تاريخياً، جذابة لقطاعات معينة من الناخبين، ولهذا من المرجح أن تكون العواقب الانتخابية للاحتجاجات المتصاعدة منذ أشهر عدة هي تآكل الدعم لبايدن وليست زيادة الدعم لترمب.

وتعكس ذلك، استطلاعات الرأي الأخيرة، فعلى رغم أن بايدن حقق فيها مكاسب متواضعة، وبلغت نسبة تأييده في متوسط استطلاعات الرأي العامة التي نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" 40 في المئة هذا الشهر، مرتفعة من 38 في المئة في يناير (كانون الثاني) الماضي، فإنها لا تزال أقل من متوسط 43 في المئة الذي سجله خلال فترة ولايته الأولى، كما تعادل بايدن أيضاً مع ترمب في متوسط استطلاعات الرأي الوطنية خلال شهر أبريل (نيسان).


المصدر: المنتصف نت

تابع أيضاً

عاجل