المحتوى الرئيسى

عاصفة قوية للتأمين على المنازل تهب على أمريكا

منذ 2 اسبوع - 2024-05-02 [39] قراءة

لا يخفى على أحد مرور الولايات المتحدة بأزمة في الإسكان، ويشكل المأوى غالبية ارتفاعات التضخم الأساسي على مدى العامين الماضيين، ولكن حتى إن كنت تستطيع شراء منزل، فربما لن تتمكن من التأمين عليه، فقد ارتفعت تكلفة التأمين لملاك المنازل في الولايات المتحدة بنسبة 23% بين يناير 2023 وفبراير الماضي، وتراجعت التغطية في أنحاء كثيرة. وفي لويزيانا المعرضة للأعاصير ارتفعت أقساط التأمين بنسبة 63%، وأصبحت المنازل في ولايات مثل فلوريدا، غير خاضعة للتأمين، وانسحب موفرو الخدمة من السوق تماماً.

والدافع الواضح وراء هذا هو التغير المناخي وخطر وقوع ظواهر جوية أكثر قسوة مثل الفيضانات والحرائق والعواصف والأعاصير، ولكن هناك عوامل أخرى تؤدي دوراً أيضاً، وتتضمن التبني البطيء لتكنولوجيات تخفيف الأخطار، وفشل مقدمي خدمات التأمين والمصارف والمسؤولين الحكوميين في التوصل إلى نهج مشترك لتقاسم التكاليف، إلى جانب الغموض الذي يكتنف السوق بالنسبة للمستهلكين على الأقل. وقد مررت بهذا، شأني شأن الكثيرين، فقبل شهرين، قررت شركة التأمين التي أتعامل معها رفع سعر أقساط التأمين السنوية على منزلنا في بروكلين بنسبة 51% على مدى ثلاثة أعوام، بعد زيادة التكلفة المقدرة لإعادة تشييد المنزل إذا احترق أو جرفه الطوفان في إعصار، بأكثر من الضعف.

وفي حين يستبعد تعرض منزل مشيد من الحجر الجيري لأي من الأمرين، لوقوعه أعلى تلة تبعد مسافة أكثر من ميل ونصف ميل عن أقرب منطقة فيضان، فإن شركة التأمين توصلت إلى تقدير يزيد على ضعف سعر المنزل إذا تم عرضه للبيع في السوق المفتوح، ما يجعل تغطية التأمين مبالغاً فيها ولا يمكن تحملها، ولم أحصل على رد عند إثارتي هذه الأمور في رسالة بريد إلكتروني بعثت بها إلى مقيم الأخطار الذي فحص المنزل.

واكتشفت في رحلة العثور على شركة تأمين جديدة، التشعب الضخم وعدم الكفاءة في السوق الذي يتصارع معه الأمريكيون، ولم تكن هناك شركة مستعدة لبيع أقساط تأمين وفق القيمة السوقية لمنزلنا، أو حتى تحرير شيك بهذه القيمة في حال الخسارة الكاملة، ولم يتوفر لنا سوى خيارين: إما الحصول على بوليصة من واحدة من حفنة من الشركات الفارهة ستمنحنا تغطية أكبر كثيراً مما نحتاج لقاء مبلغ أكبر مما يمكننا تحمله، وإما الحصول على تأمين اقتصادي تبلغ قيمته ثلث ثمن شراء منزل مماثل في حالة الخسارة الكلية، وأن نتلقى الأموال إذا اخترنا إعادة تشييد المنزل في موقعه الحالي.

وفي جوهر الأمر، هذا يعني أنه إذا احترق منزلنا فلن يتبقى لنا سوى ثمن الأرض، وهذا لا يعني أنه سنفقد كل شيء، ولكنه أيضاً ليس أمراً مثالياً. وللأسف، هذا أمر شائع في نيويورك وأماكن أخرى عبر الولايات المتحدة.

وبدا الخياران جنونيين، إلا أن أحدهما كان ميسور التكلفة، فقررنا الذهاب إلى التأمين الاقتصادي، واشترينا أربع مطافئ حريق، وتصالحنا مع حقيقة أنه إذا تعرض منزلنا للدمار سنبيع قطعة الأرض وننتقل للعيش في مكان يكون فيه المسكن أرخص بشكل كبير.

وكان كل هذا باعثاً على السخط، لأن عدداً من أصدقائنا ممن يمتلكون منازل مشابهة يدفعون أقساط تأمين أقل بكثير، وحينما سألت وسيطتنا كيف أنه من الممكن، والقانوني، أن تكون شركة التأمين التي نتعامل معها هي نفسها التي يتعامل معها جيراننا الذين يبعدون عنا ثلاثة منازل ويقطنون منزلاً كمنزلنا، ولكنهم يدفعون ما يزيد قليلاً على نصف ما ندفعه لقاء البوليصة الجديدة، فأخبرتنا أنه من المحتمل جداً أن أقساطهم التأمينية سترتفع لاحقاً.

وفي حين يمكن لنا رفع الأمر إلى الجهات التنظيمية في الولاية، ولكنها عبرت عن اعتقادها بأنهم سيتصرفون بحذر لأن نيويورك تواجه خطر أن تصير مثل فلوريدا وأن تكون المنازل فيها غير قابلة للتأمين، إذا مارسوا ضغوطاً شديدة على شركات التأمين.

كيف يمكن أن تكون الخيارات بهذه المحدودية، في ضوء شفَافَة بهذه الضآلة، وهذا التسامح مع التضخم وغياب الكفاءة عن سوق كبير مثل نيويورك؟ لم يخضع منزلي، الذي لم يتضرر بشكل خطر من الطقس، لتقييم أخطار كما لو أنه في منطقة فيضانات الأعاصير، التي تبعد عنا أكثر من ميل ونصف ميل، ما السبب وراء السوء الشديد الذي يعتري صناعة التأمين في تسعير الأخطار بصورة أكثر دقة في أرجاء المدينة، وكذلك في أنحاء كثيرة من البلاد؟ هل من تكنولوجيا يمكن لها تقييم هذه الاختلافات على نحو مناسب، أو ربما مستشعرات تُثبّت في كل منزل لتقييم إن كان العقار يواجه خطر التضرر جراء الرياح أو إن كانت هناك مياه بصفة مستمرة في الطابق السفلي؟ أجابت وسيطتنا قائلة: «لا أعلم»، وأفادت بأنها تواجه هذه التساؤلات بصفة يومية. وأضافت: «ربما يمكنكم مهاتفة لويدز في لندن».

وهكذا فعلت. تعد «لويدز» أكبر سوق للتأمين في أنحاء العالم، وأخبرني دون نيل، رئيسها التنفيذي، أن سوق التأمين على المنازل، وخاصة في الساحل الأمريكي «بلغت نقطة فاصلة». وفي حين أن أنظمة الكشف عن الفيضانات عالية التقنية بدأت تتوافر، فإنها ليست واسعة الانتشار وربما لن تتوافر إلا للأثرياء الذين يمكنهم دفع ثمنها.

والأكثر أهمية من ذلك، وبحسب تعبير نيل، فإن «المصارف وشركات التأمين والجهات التنظيمية والحكومات لم تجلس إلى الطاولة لمناقشة كيفية تشارك مسؤولية الأخطار».

وفي حين يتغير المناخ، لم يطرأ أي تغير على نموذج أعمال شركات التأمين، وما زالت أقساط تأمين الغالبية تدفع مقابل أضرار الأقلية، ولكن هذه الخسائر آخذة في الازدياد، ولم يدرك القطاع العام ولا الخاص جل تداعيات هذا، وبذلك، فإن الأفراد متروكون لمجابهة كل هذا وحدهم.

هناك ما يحتاج للتغيير، بالنظر إلى تكلفة أقساط التأمين، وثمة فرصة في السوق بالتأكيد لمزيد من شركات التأمين الأكثر ابتكاراً وفاعلية، ولكني أعتقد بأن الولايات الساحلية ستضطر إلى خفض الأخطار التي تواجه المنازل بتثبيت مصدات فيضانات وأنظمة تصريف مياه أفضل في المناطق المُعرضة للخطر، وبدعم شركات التأمين، وهذا يعني فرض ضرائب أعلى لدفع مقابل هذا. وإلى حين حدوث ذلك، سيضطر ملاك المنازل من الأفراد إلى التصالح مع فرض أقساط تأمين باهظة عليهم أو وقوع خسائر فادحة محتملة.


المصدر: المنتصف نت

تابع أيضاً

عاجل