المحتوى الرئيسى

مواجهات مرتقبة في البحر الأحمر .. عودة "أيزنهاور" وتهديدات إيرانية

منذ 1 اسبوع - 2024-05-08 [49] قراءة

تشهد منطقة البحر الأحمر، تحركات عسكرية واسعة منذ أيام، على وقع توسيع ايران عبر وكلائها في اليمن عملياتها العسكرية ضد سفن الملاحة الدولية في المنطقة.

وأعلنت الولايات المتحدة إعادة حاملة الطائرات "يو إس إس آيزنهاور" إلى البحر الأحمر بعدما أخرجتها للصيانة الدورية أواخر الشهر الفائت، وإعادة تعبئة مخزونها من الذخائر، على الرغم من أنها تلقّت تعزيزات جوية أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية.

وبعودة "آيزنهاور" برفقة البارجة "يو إس إس كارني" التي عبرت، مساء أول من أمس، قناة السويس، في طريق عودتها إلى البحر الأحمر، بالتزامن مع عودة مدمرتين أمريكيتين من سواحل اليونان بعد إعادة شحنهما بالأسلحة وإقامة الصيانة الدورية لهما، يُعد مؤشرًا على مواجهات مرتقبة ستشهدها منطقة البحر الأحمر في ظل استمرار التهديدات الايرانية للملاحة في المنطقة على مختلف امتدادها.

ارتفاع مستويات التصعيد

ويتوقع خبراء عسكريون دوليون، بأن تشهد المنطقة توسعًا في العمليات المشتركة للقوات الدولية المشاركة في تأمين الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، ضد ايران ووكلائها في اليمن، لتشمل عمليات جوية واسعة قد ترافقها عملية برية لتأمين سواحل اليمن الغربية.

وتأتي الترتيبات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة والتي شهدت إرسال مزيد من المقاتلات الجوية الأمريكية من فئتين اف 16 واف 15 إلى قواعدها المنتشرة في محيط البحر الأحمر، وإرسال قوات المهمة الأوروبية "اسبيدس" بوارج وفرقاطات جديدة من المانيا وايطاليا وهولندا وبلجيكا والدنمارك واليونان، متزامنة مع اعلان ايران ووكلائها تصعيدها ضد الملاحة في المنطقة وصولًا الى البحر المتوسط والبحر الأحمر.

توسع خطر المواجهات نحو المتوسط

وفي هذا الاطار ، قالت شركة شحن الحاويات الألمانية هاباج لويد، إنها تواصل تجنب البحر الأحمر وخليج عدن، مضيفة إن "منطقة الخطر" المرتبطة بالهجمات المحتملة لجماعة الحوثي المتحالفة مع إيران لم تمتد إلى البحر المتوسط.

وأضافت الشركة في تعليقات عبر البريد الإلكتروني: "ما نراه هو أن نطاق الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن يتسع أكثر فأكثر، ولهذا السبب نتجنب هذه المنطقة تماما"، وفقًا لرويترز.

وأعربت الشركة عن خشيتها توسع أزمة شحن السفن الحاصلة في البحر الأحمر وخليج عدن لتشمل البحر المتوسط، موضحة أنها تواصل تجنب البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي وقت سابق، قالت أكبر منافسة لهاباج لويد، وهي شركة "ميرسك"، إن أزمة حركة شحن الحاويات في البحر الأحمر تتفاقم، ومن المتوقع أن تتقلص القدرة الاستيعابية للقطاع بين الشرق الأقصى وأوروبا بما يصل إلى 20 بالمئة في الربع الثاني.

إيران تهدد المتوسط بالحوثيين 

من جانبها لوّحت طهران عبر قائد قوات الحرس الثوري المصنفة "إرهابية"، حسين سلامي، بتوسيع الجبهات وإغلاق شرق البحر الأبيض المتوسط، وذلك في مراسم الأربعين لقائد قواته في سوريا ولبنان، الجنرال محمد رضا زاهدي، الذي قضى في غارة جوية إسرائيلية، على مقرّ القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع الشهر الماضي.

وهاجم سلامي مرة أخرى الحضور الإقليمي للولايات المتحدة، معرباً عن اعتقاده أن دول المنطقة "يجب أن تتحول ميداناً للجهاد ضد المستبدين؛ لأننا نواجه عدواً مشتركاً ومصيراً وقيماً مشتركة ولا يمكننا أن نعيش منفصلين عن بعضنا بعضاً".

ونقلت وكالة "تسنيم" التابعة لـ"الحرس الثوري" عن سلامي قوله في هذا الصدد: "سنغلق الطريق على العدو في شرق البحر الأبيض المتوسط، ونوسع الجبهات لكي يتشتت الأعداء".

وعن دور "فيلق القدس" الذراع الخارجية لـ"الحرس الثوري"، قال سلامي إنه يحمل على عاتقه "ملء زوايا تغلغل الأعداء" إلى المنطقة. وزعم أن قواته "دافعت عن أمن وكرامة" دول المنطقة إلى جانب "الدفاع عن الأمن القومي الإيراني".

وهذه هي المرة الثانية التي يهدد فيها قيادي رفيع بأعمال عسكرية في البحر الأبيض المتوسط، ففي 23 ديسمبر الماضي، قال المنسق العام لقوات "الحرس الثوري" محمد رضا نقدي إن بلاده "ستغلق البحر الأبيض المتوسط ومضيق جبل طارق والممرات المائية الأخرى إذا واصلت الولايات المتحدة وحلفاؤها ارتكاب (جرائم) في غزة".

وأعلن قائد القوات البحرية في "الحرس الثوري" علي رضا تنغسيري في ديسمبر الماضي، تشكيل قوات "باسيج" بحري، قوامها وحدات من جماعات مسلحة موالية لإيران وتشارك فيها سفن ثقيلة وزوارق خفيفة غير عسكرية.

تهديدات بالوكلاء الحوثيين

وفي حين تهدد قيادات الحرس الثوري الإيرانية من طهران، يتبنى وكلاؤها في اليمن مليشيات الحوثي الارهابية، العمليات بالتعاون والشراكة مع قوات من "فيلق القدس" التابعة للحرس الثوري المتواجدة في مناطق الحوثيين، لإدارة عمليات إرهاب السفن التجارية في المنطقة.

وكشفت التهديدات الإيرانية المعززة بإعلان مليشيات الحوثي ما اسمته المرحلة الرابعة من التصعيد، ان كل ما تقوم به ايران ووكلاؤها ليست مرتبطة كما يزعمون في نصرة ودعم غزة، وانما لتنفيذ مخططات إيران الإرهابية لتهديد الملاحة ودول المنطقة.

وأعلن وكلاء ايران في اليمن (الحوثيين) توسيع رقعة هجماتهم البحرية ضد السفن، ضمن تصعيد عملياتهم العسكرية، عبر الإعلان عما اسموه "مرحلة رابعة" تمتد إلى البحر الأبيض المتوسط، والتي تأتي تنفيذًا للتهديدات الايرانية.

وتشمل المرحلة التصعيدية الجديدة، جميع السفن المتجهة إلى إسرائيل عبر البحر الأبيض المتوسط، فيما يرتبط الشقّ الآخر من المرحلة، بانطلاق أي هجوم عسكري إسرائيلي على رفح، إذ يهدد الحوثيون باستهداف شامل لجميع سفن الشركات المرتبطة بالإمداد والدخول إلى الموانئ الإسرائيلية.

مسرحية طويلة 

وتشير التقارير الدولية، إلى ان ما يجري من تصعيد من قبل الاطراف المتصارعة في البحر الأحمر والمنطقة، عبارة عن مسرحية طويلة الأمد، تسعى من خلالها الاطراف المشاركة فيها لتحقيق مكاسب على حساب دول المنطقة خاصة الدول الخليجية.

ووفقًا للتقارير، فإن توسع العمليات نحو المتوسط والمحيط الهندي، وقبلها من البحر الأحمر الى البحر العربي وخليج عدن، يدلل على ان العمليات لم تكن من قبل محور ايران هدفها نصرة ابناء غزة، وانما استهداف لطرق التجارة والطاقة عبر الممرات المائية في تلك المناطق، تنفيذًا لمخططات ايران التاريخية.

وأفادت بان التحركات الأخيرة تزامنت مع وجود مرحلة تفاوض جادة بين حماس واسرائيل باشراف مصري – قطري، قد تصل إلى نتائج على رأسها ايقاف الحرب في غزة، في حين التحركات في البحار لا تؤشر على انها ستتوقف مع التوصل إلى حل بين اسرائيل وحماس ، وإنما ستستمر لتحقيق اهداف مخططات ايران والولايات المتحدة في المنطقة.

تصعيد يفشل سلام اليمن 

وفي هذا الصدد مثل التصعيد الايراني بقيادة الحوثي تجاه الملاحة الدولية في المنطقة، نقطة فشل لمسار جهود السلام الدولية والاممية في اليمن، وهو ما تريده ايران، لتحقيق اهدافها في المنطقة، فالسلام قد ينهي طموحها التوسعي ويفشل مخططها الارهابي الذي يستهدف الملاحة الدولية ودول المنطقة على حدٍ سواء.

وتؤكد المؤشرات الدولية بأن استمرار التصعيد تجاه الملاحة في البحر الأحمر والمنطقة، سينعكس أثره بشكل كبير على اليمنيين من خلال ارتفاع أسعار السلع والبضائع والنقل والتأمين إلى اليمن، إضافة إلى التهديد بحرب مفتوحة على امتداد اليمن، ولربما لن تكون عواقبها غير حميدة ما لم يكن هناك تنسيق مع الحكومة الشرعية.

واثبتت الوقائع بأن ما تقوم به مليشيات الحوثي لا يخدم القضية الفلسطينية ولا اليمنيين ولا استقرارهم، بل تخدم اجندة ايران، التي لن تسمح بالتقدم خطوة نحن تحقيق السلام عبر خارطة طريق الامم المتحدة والتي كانت قاب قوسين أو أدنى من التوقيع، الا ان ايران افشلته بطريقة مكشوفة وواضحة للعيان.

مناورات بمشاركة سعودية 

وتزامنت التحركات الامريكية والايرانية في المنطقة، مع انطلاق مناورات بحرية بمشاركة القوات المسلحة السعودية ومشاة القوات البحرية الأمريكية، وذلك في منطقة عمليات التمرين في ميناء ينبع التجاري على ساحل البحر الأحمر.

ووفقا لقائد تمرين "الغضب العارم 24" العميد الركن عقاب المطيري، فإن المناورات تتضمن العديد من الفرضيات والتدريبات على عمليات النقل والإمداد والرماية بالذخيرة الحية انطلاقًا من محافظة ينبع ومرورًا بعدة مناطق وصولاً إلى قاعدة الأمير سلطان الجوية بالخرج، فيما تستكمل القوات الأميركية التمرين في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.

تحركات ايرانية خطيرة 

وكتب بيتر هوكسترا سفير الولايات المتحدة لدى هولندا خلال إدارة ترامب، والرئيس السابق للجنة المخابرات بمجلس النواب، مقالًا هذا الأسبوع في موقع معهد غاتستون اليميني محذراً فيه من مخاطر ما وصفها بسيطرة إيران على السودان والبحر الأحمر.

وقال:" بينما تنشغل إدارة بايدن بإعادة انتخابها في نوفمبر المقبل، بالإضافة إلى إطفاء سلسلة من الحرائق التي ساعدت على إشعالها في أوكرانيا والشرق الأوسط ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ ، هناك خطر جديد يثير قلقًا عاجلاً وهو  تزايد تغلغل إيران في السودان".

السودان في جيب إيران

من شأن إدخال السودان في جيب إيران أن يوفر لها المزيد من النفط والذهب والمعادن النادرة ، بالإضافة إلى ميناء آخر على البحر الأحمر يمكن من خلاله مواصلة عرقلة التجارة البحرية. كما سيوفر السودان لإيران قربًا من إسرائيل ، ومنصة إطلاق إضافية لإغراق إسرائيل بمزيد من هجمات الطائرات بدون طيار القاتلة – على الأقل حتى اكتمال برنامج الأسلحة النووية.

يمكن لإيران أيضًا أن تضيف السودان إلى قائمة الدول الأربع الأخرى التي تسيطر عليها بالفعل في المنطقة: العراق وسوريا ولبنان واليمن.

السودان ، بدعم من إيران ، سيكون بعد ذلك في طريقه إلى أن يصبح حماس أو القاعدة أو طالبان أخرى ، وينشر ذلك إلى بقية القارة الأفريقية.

وأفادت صحيفة بلومبرغ في ٢٤ يناير أن إيران تزود القوات المسلحة السودانية التي يقودها الفريق أول عبد الفتاح البرهان بطائرات مسيرة عسكرية – “السلاح الجوي الرخيص الفوري” الجديد ، والأكثر سهولة من السلاح الجوي الحقيقي. كما دربت إيران السودانيين على كيفية صنع المسيّرات محليًا.

قاعدة بحرية إيرانية

ورد أن إيران عرضت على السودان “سفينة حربية تحمل مروحيات” مقابل السماح لطهران ببناء قاعدة بحرية في البلاد. وأفادت الأنباء بأن الطلب قوبل بالرفض خوفًا من رد فعل إسرائيل والولايات المتحدة.

بعد تخفيف إدارة بايدن للعقوبات على إيران ، تمكنت إيران من إعادة تنشيط خزينتها، وعززت إيران احتياطياتها النقدية بمليارات الدولارات من خلال زيادة مبيعات النفط. وقد استخدمت هذه الأموال الإضافية للمساعدة في تمويل تهديد الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن ؛ تمويل الهجوم الوحشي الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر ؛ تمويل هجماتها الضخمة بالطائرات بدون طيار والصواريخ على إسرائيل في 14 أبريل، وتمويل حصول حزب الله على المزيد من الأسلحة.

تسعى إيران الآن إلى استخدام أموالها لشراء نفوذ على الحكومة السودانية  التي تخوض حربًا أهلية عنيفة ودموية. للسودان وإيران تاريخ معقد ، لكن الحرب الأهلية هناك خلقت منفذًا لإيران لبناء علاقات أقوى وأوثق مع القادة السودانيين. ويمكن لهذه الجهود أن تؤدي إلى تحول السودان نفسه ، أو جماعات فيها ، إلى أحدث وكيل لإيران في جهودها لنشر الصراعات وإلهاء الغرب.

الاستفادة من الفوضى

من الواضح أن الإيرانيين يرون بيع الأسلحة والاتفاقيات الاقتصادية الجديدة خطوات أولية للاستفادة من الفوضى في العالم لتعزيز أهدافهم الجيوستراتيجية المتمثلة في “تصدير الثورة” ، والهيمنة على المنطقة ، وإزاحة الدول الغنية بالنفط الأخرى والمواقع المقدسة في الخليج.

هذه خطوات خطيرة وتصعيدية تتخذها إيران لزيادة نفوذها وقدرتها على نشر الفوضى والإرهاب في المنطقة. لقد دعت الحكومة الأمريكية علنا إلى وقف مبيعات الأسلحة للسودان ، وأضافت أن السودان تواجه “أزمة ذات أبعاد ملحمية”. وأشارت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إلى أن مدينة الفاشر “على شفا مذبحة واسعة النطاق”. تسلط هذه البيانات الأمريكية الرسمية الضوء على الوضع اليائس في السودان اليوم ، وهو وضع يتفاقم بسبب إيران ولصالحها.

فشل استراتيجية المهادنة 

الخلاصة بالنسبة لأمريكا وأوروبا هي أن استراتيجية الانخراط والمهادنة مع إيران قد فشلت فشلاً ذريعًا. إيران ليست فقط موردا رئيسيا للمجهود الحربي الروسي في أوكرانيا ، بل نجحت أيضًا في زعزعة استقرار الشرق الأوسط.

لقد أدت الحرب التي يخوضها وكلاء إيران حاليًا إلى مظاهرات عامة ضخمة. تبدو هذه المظاهرات منظمة تنظيما جيدا وممولة تمويلا جيدا في الولايات المتحدة وأوروبا من قبل محرضين خارجيين مكرسين للإطاحة بأمريكا وسيادة القانون والغرب – مفضلين الإرهاب والاستبداد.

لذلك ، من المهم مضاعفة الجهود لمنع إيران من توسيع فوضى ونفوذها الخبيث دون تأخير. كما أن التوترات في الشرق الأوسط والضغط المتزايد لاسترضاء الإرهابيين قد أثر سلبا على العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل – الدولتين الرئيسيتين اللتين تقفان في طريق الأنظمة المفترسة ، مثل إيران وروسيا والصين الشيوعية ، من تحقيق أهدافها.

لا يمكن لواشنطن أن تسمح لهذه الفوضى بأن تكون المنفذ لإيران لتوسيع بصمتها في الشرق الأوسط وأفريقيا. دروس الخمسة عقود الماضية واضحة. عندما ترى إيران منفذًا – فرصة في الفوضى – ستستغل الوضع وتستفيد من مواردها لخلق المزيد من مناطق الفوضى في أجزاء أخرى من العالم لمزيد من تعزيز نفوذها.

يجب على الولايات المتحدة وأوروبا أن تتصديا الآن لجهود إيران في الشرق الأوسط والسودان. لا يمكننا السماح بوكلاء إرهاب جدد لإيران.


المصدر: المنتصف نت

تابع أيضاً

عاجل