المحتوى الرئيسى

لماذا لا تغلق تركيا قنوات الإخوان بدلا من إجراءات القطرة قطرة؟

منذ 2 سنة - 2021-09-25 [368] قراءة

يشير التعامل المتردد لأنقرة مع المحطات الفضائية للإخوان التي تبث إرسالها من تركيا أن علاقتها مع القاهرة لا تزال تعتريها الشكوك، فمع كل ما قيل حول تمديد الجسور السياسية بين الجانبين مؤخرا تظل الهوة واسعة بدليل أن السلطات التركية لم تحسم ملف قنوات الإخوان التي تعد من الملفات شبه المتفق عليها وتتعامل بالقطعة مع برامجها ومذيعيها، إذ تتركها أو تمنعها حسب السياقات السياسية.

وقررت تركيا الأربعاء وقف برنامج “رؤية” على فضائية “الشرق” الإخوانية الذي يقدمه المذيع حسام الغمري، ومنع ظهوره على شاشات أو منصات إعلامية تبث من تركيا لعدم التزامه بتعليمات أنقرة التوقف عن توجيه انتقادات للنظام المصري.

وقالت مصادر مصرية لـ”العرب” إن الموقف التركي من قنوات الإخوان، إيجابا أو سلبا، يصلح ليكون كاشفا لمستوى العلاقة مع مصر وما وصلت إليه من تقدم، فكلما تحسنت اتخذت أنقرة خطوة في مجال التضييق، والعكس، وهو ما تفطنت له القاهرة.

وأضافت المصادر أن الأمر بات أيضا معبرا عن حجم الضغوط والممانعات المصرية، حيث تفضل تركيا الاحتفاظ ببعض أوراقها للمساومة بها وتريد توظيفها طالما هناك حاجة إليها، فعندما توقف القاهرة المسار الإيجابي تضطر أنقرة إلى تقديم تنازل في ملف الإخوان للتعبير عن تمسكها بمواصلة الحوار.

وذكرت المصادر لـ”العرب” أن السلطات المصرية فهمت اللعبة ولم تعد تتأثر بما تمارسه تركيا من تحركات شكلية في ملف الإخوان وبعيدة عن الجوهر، ولا تزال أنقرة بعيدة عن المطلوب منها في ملفي الإخوان والأزمة الليبية.

وتريد القاهرة من أنقرة الدخول في عمق هذين القضيتين، ففي الأولى لم تعد قضية الإعلام مؤثرة في الوقت الراهن، والمطلوب تسليم بعض الأسماء التي صدرت في حقها أحكام قضائية نهائية من محاكم مصرية، وفي الثانية (ليبيا) تركيا تعرف أنه من المهم خروج قواتها العسكرية وسحب المرتزقة، ولا يلغي التنازل المتدرج في الأولى ما هو مطلوب منها في الثانية.

وانتقد المذيع الإخواني حسام الغمري النظام المصري عقب الإعلان عن وفاة المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة سابقا الثلاثاء الماضي والذي قام بدور مهم في تفويت الفرصة على الإخوان للسيطرة على البلاد.

وطلبت أنقرة رسميا من المسؤولين في فضائية “الشرق” التي يملكها المعارض المصري أيمن نور وقف ومنع ظهور الغمري وابلاغه بعدم تقديم أيّ محتوى إعلامي من داخل تركيا، وجاء ذلك بعد وقت قصير من منع ظهور إخواني آخر يعمل في المحطة نفسها، وهو الإعلامي هيثم أبوخليل مقدم برنامج “حقنا كلنا” بسبب مخالفته ما تسميه أنقرة بـ”التعليمات” وقيامه بتوجيه انتقادات حادة للنظام المصري.

وقررت تركيا وقف الأنشطة الإعلامية لجماعة الإخوان على أراضيها بعد ظهور مؤشرات للتقارب مع مصر في مارس الماضي، ثم أعلنت عن وقف برامج كل من معتز مطر ومحمد ناصر وحمزة زوبع وهشام عبدالله في يونيو الماضي، وهم من العاملين في محطات إخوانية تبث إرسالها من إسطنبول.

واعتبر مراقبون الخطوة في حينها “بادرة حسن نوايا” تجاه النظام المصري حيث دأب هؤلاء على تحريض الشارع ضده من خلال بث محتوى ساخن إعلاميا.

الطريقة التي تتعامل بها تركيا بشأن ملف الإعلام لا تطمئن القاهرة التي كانت تنتظر منعا فوريا لجميع القنوات الإخوانية وغلقها، وهو ما يوحي بعدم رغبة أنقرة بالتفريط فيها.

وتخشى أنقرة التخلي عن هذه الورقة ليس فقط للمتاجرة السياسية بها وما تحمله من براغماتية، لكن لعلاقتها بما يدور من خلاف داخل حزب العدالة والتنمية حول الموقف من الإخوان، فأحد أجنحته يرى أن غلق القنوات يعني التخلي عن الجماعة، وهو ما ستكون له مردودات على الروابط معها وما تنطوي عليه من تأثيرات داخل الحزب.

وقالت الخبيرة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية نهى بكر إن تركيا تحاول اللعب بجميع أدواتها وترفض أن تتخلى بسهولة عنها حتى تحقق أكبر قدر من المكاسب وأقل خسائر ممكنة، مشيرة إلى أن إعلام الإخوان ورقة رابحة لن تتوقف أنقرة عن استخدامها في مناوراتها المتعددة مع القاهرة.

وذكرت في تصريح خاص لـ”العرب” أن مصر لن تقبل سوى بحل شامل لجميع القضايا العالقة بما يضمن عدم التدخل في شؤونها الداخلية، وستظل عملية التقييم للخطوات التركية مستمرة، وقد تصدت القاهرة في العديد من المرات لمحاولات أنقرة الإيحاء بأنها أحرزت تقدما لذلك فالطريقة الحالية غير مقبولة رسميا وشعبيا في مصر.

وتشهد العلاقات بين البلدين مراوحة ظاهرة، وتأخذ في التقدم تارة والتراجع تارة أخرى، وتحاول القاهرة التيقن من مدى الجدية الكبيرة لأنقرة في التعامل مع قيادات جماعة الإخوان وكوادرها الموجودين على أراضيها.

ولفت الخبير في شؤون الحركات الإسلامية سامح عيد إلى أن أنقرة لا تريد خسارة الإخوان على نحو كامل وتمتنع عن إصدار قرارات غلق مباشرة لقنواتهم، لكن تبدو أميل إلى التخلص من الوجوه البارزة التي تثير غضب القاهرة، ما يقضي على مصادر جذب الجمهور لهذه القنوات بالصورة التي تدفعها إلى التوقف في النهاية لا محالة.

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن أنقرة لديها رغبة في تحسين العلاقات مع القاهرة دون أن يكون ذلك على حساب علاقتها بالتنظيم الدولي للإخوان، ومن المستبعد أن تُقدم على خطوة تسليم إخوان أو على الأقل سوف تكون هناك أسماء محددة لن تقبل بتسليمها، وقد لا تمانع في وضعهم تحت الإقامة الجبرية، وستحاول عدم التفريط فيما تملكه من أدوات تساعدها على مواصلة مشاغباتها كلما اقتضت الضرورة ذلك.

وتحاول أنقرة ربط خيوط تحسين علاقتها مع دول الخليج بعلاقتها مع مصر للحصول على أكبر قدر من المكاسب الإقليمية من خلال إدخال أطراف وسيطة مع القاهرة بما يجعلها تحافظ على نفوذها في المنطقة.

وتلعب تركيا على وتر عدم اتضاح الرؤية فيما يتعلق بالأزمة الليبية حتى الآن لكسب الوقت الذي يصب في صالحها ما يُفسر خطواتها البطيئة تجاه التعامل مع الإخوان وإعلامهم، فهم جزء من روزنامة إقليمية لا تريد أنقرة التخلي عنها بلا مقابل.


المصدر: وكالة خبر للانباء

تابع أيضاً

عاجل