المحتوى الرئيسى

من القحطاني إلى حاجي .. مغامرة جديدة بحياة اليمنيين.. ما وراء فرار قادة المعارضة السعودية إلى مناطق وكلاء إيران في اليمن؟

منذ 4 اسبوع - 2024-03-28 [97] قراءة

واصلت عناصر المعارضة السعودية هجرتها نحو مناطق مليشيات الحوثي الارهابية "وكلاء ايران في اليمن"، في ظاهرة تطرح العديد من التساؤلات حول أهداف ايران المقبلة بشأن المملكة العربية السعودية التي باتت محاصرة ايرانيا من ثلاث جهات.

ويرى مراقبون للأوضاع في المنطقة، بأن ايران تقف وراء انتقال قادة وعناصر مؤثرة في المعارضة السعودية حاليًا مناطق وكلائها في اليمن، في محاولة منها لاستغلال التحولات التي تشهدها المنطقة على وقع الحرب في غزة، والاتفاق الذي وقعته مع السعودية برعاية الصين، لفرض واقع جديد يحقق لها أهداف الثورة الخمينية بالسيطرة على العالم العربي، بداية من السيطرة على الخليج وفي مقدمتها السعودية.

من القحطاني إلى حاجي

وخلال الساعات القليلة الماضية، احتفت ايران ووكلاءها في اليمن بوصول أحد قادة المعارضة السعودية المؤثرين إلى صنعاء، واعلانه على حسابه في منصة "إكس" قائلا "اتيت الى صنعاء للبقاء والنضال وليس زيارة عابرة وفي المستقبل مفاجآت كبيرة".

وتناولت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام إيرانية، وصول المعارض السعودي "علي هاشم بن سلمان الحاجي"، الى العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، والذي ظهر قبل عدة اشهر وهو يمزق جوازه السعودي ويرمي به إلى سلة القمامة. 

وعند وصوله صنعاء أعلن المعارض الشيعي "علي هاشم" ولائه لعبد الملك الحوثي، زعيم مليشيات الحوثي الموالي لايران، والذي اعتبر وفقًا لمراقبين رسالة من ايران إلى النظام السعودي، كرد على التهديدات السعودية الاخيرة بشأن حقل الدرة النفطي.

من هو علي هاشم؟

هو ناشط سياسي وحقوقي سعودي من الطائفة الشيعية في المملكة، اشتهر بمعارضته للنظام السعودي، ظهر مؤخرًا في مقطع فيديو متداول على منصات التواصل الاجتماعي من داخل منزله وهو يحمل جواز سفره السعودي وذلك احتجاجا على موقف للرياض اتجاه ما يحدث في قطاع غزة، ثم قام برميه في سلة مهملات، وتابع أن اليمنيين أعطوه الجنسية اليمنية.

وفي الثالث من أغسطس ثبّت الحاجي تغريدة جاء فيها "بسبب معارضتي لحرب اليمن ومطالبتي بحقوق الشيعة في السعودية، تم وضع أطفالي قيد الإقامة الجبرية وإيقاف جميع خدماتهم والتضييق عليهم".

وينحدر الحاجي من محافظة الإحساء، وقد صدر بحقه حكم بما وصف ب"جرائم الإرهاب وتمويله" في العام 2017، وذلك بعد عام من مغادرته السعودية.

شيعة السعودية نحو اليمن

وسبق علي هاشم بالوصول إلى منطق الحوثي في اليمن، المعارض السعودي المدعو "لؤي بن اسكندر بن متعب القحطاني، وهو مدرب أكاديمي في مجال الطيران، والذي دخل مناطق الحوثيين قبل سنوات وأعلن وقوفه إلى جانب الجماعة الايرانية ضد السعودية.

تلاه  المعارض "هادي محمد اليامي" الذي وصل مطلع العام 2015، مناطق الحوثيين، وهو احد مشائخ ومراجع قبيلة "يام" الدينية، حيث تم تنصيبه من قبل الحوثيين شيخ ضمان عن محافظة نجران (في اشارة منهم للرياض بان نجران اراضٍ يمنية).

كما وصل مناطق الحوثي المعارض السعودي الرائد دخيل بن ناصر القحطاني، الذي شغل منصب القائد السابق لعمليات سلاح الجو في قاعدة الملك عبدالعزيز في الظهران، حيث انشق عن النظام السعودي ليصل الى صنعاء في نوفمبر 2018 ويمارس نشاطه المعارض من صنعاء بصفته رئيس حركة تحرير الجزيرة المعارضة.

وتؤكد مصادر مطلعة في صنعاء، وجود عدد من المعارضين السعوديين مع عائلاتهم في مناطق الحوثيين، فروا خلال السنوات الماضية، ولم يتم الاعلان عنهم خوفًا من انتقام الاجهزة الاستخباراتية السعودية.

صراع ايراني – سعودي خفي

وتؤكد الشواهد بان ظهور المعارضين السعوديين علنا في مناطق سيطرة وكلاء ايران في اليمن، يشير إلى احتدام الصراع الايراني – السعودي الخفي، فيما يتعلق بعمليات التطويق التي يمارسها البلدان ضد بعض منذ سنوات.

كما تأتي في اطار تبادل الرسائل الامنية بين البلدين، والمرتبطة بقضايا سياسية واقتصادية ودينية مبطنة بتهديدات أمنية وعسكرية.

لكن ما هو مؤكد جاء على لسان ساسة ايرانيين مؤخرا، بأن السعودية احد أهم اهداف المخطط الايراني الذي تنفذه ذراعها في اليمن جماعة الحوثي، والمتمثل بالوصول ألى المناطق الجنوبية السعودية، بعد تأمين مأرب ومضيق باب المندب، والذي بدا في البحر فيما يتم التخطيط لتنفيذ بنود البر، بالانطلاق نحو مأرب وجنوب السعودية.

مغامرة بحياة اليمنيين 

استغلت مليشيات الحوثي حلول الذكرى 10 لتدخل السعودية في اليمن عسكريا، للاحتفاء بوصول المعارض السعودي علي هاشم، وهو مؤشر بأن الجماعة ومن خلفها ايران تواصل المغامرة بحياة اليمنيين، من خلال الاندفاع نحو تلغيم العلاقة بين الشعبين اليمني والسعودي.

ويرى مراقبون ان الكشف عن وصول معارضين سعوديين إلى مناطق الحوثي والاحتفاء بهم، سيكون له انعكاسات على حياة المغتربين اليمنيين في السعودية وعددهم بالملايين، ما سيؤثر على تأثر الاوضاع المعيشية لعدد من الأسر اليمنية المعتمدة في الداخل على تحويلات المغتربين المالية.

ويشيرون إلى أن ايران ووكلائها في اليمن، يريدون ايصال رسالة اخرى من وراء ذلك، خاصة وانها تتزامن مع ذكرى التدخل السعودي العسكري في اليمن، بأنهم حققوا انتصارا كبيرا على التحالف العربي الذي قادته المملكة في اليمن، وان المرحلة المقبلة ستكون مرحلة الوصول إلى الداخل السعودي انطلاقا من اليمن، في حال لم تلبي المملكة مطالب ايران والحوثيين في اليمن والمنطقة.

ايران ورسائل المعارضة السعودية

يرى المراقبون، بأن استخدام المعارضة السعودية من قبل ايران حاليا، يعد ورقة تسعى طهران لتحقيق مكاسب من ورائها على حساب السعودية، خاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي الذي شهد تنازعًا كبيرًا خلال الفترة الاخيرة بين البلدين إنطلاقًا من حقل "الدرة النفطي".

وتكن طهران عداءً خفيًا للرياض، فيما يتعلق بهذا الشأن خاصة وان السعودية نشرت في يوليو 2023، بيانيًا شديد اللهجة موجهًا لإيران، نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

وجاء في بيان السعودية "إشارةً لما تم تداوله حول حقل ’الدرّة‘، فقد أوضح مصدرٌ مطّلع في وزارة الخارجية لوكالة الأنباء السعودية بأن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة، بما فيها حقل الدرة بكامله، هي ملكية مشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق السيادية لاستغلال الثروات في تلك المنطقة".

وتطور الصراع حول الحقل بين البلدين منذ مطلع العام الجاري، الامر الذي عبرت عنه القمة العربية الاخيرة، في بيانها ، والذي حذر بطريقة مباشرة ايران من المساس بثروات الدول العربية المحاددة لها ومنها ادعاءاها ملكية حقل الدرة الذي تتقاسمه السعودية والكويت.

نزاع السيطرة على المنطقة 

وبالرجوع إلى التاريخ القريب، نجد أن هناك صراعا خفيا بين السعودية وايران حول الزعامة على المنطقة، والتي بدأت بين البلدين منذ خمسينيات القرن الماضي، بسبب مشاكل ترسيم الحدود وخصوصًا بتلك التي تتعلّق بحقول البترول.

والنظر إلى العلاقة بين العرب وايران، سنجد انها دموية، وهو عداء فطري وموروث، تتداخل فيه عوامل سياسية وأمنية واقتصادية وعدة أطراف ثانوية، ومعطيات واقع يفرضه الفكر الطائفي والمذهبي الذي تسعى ايران لتكريسه في المنطقة، كصراع مذهبي وعرقي، وهو ما لا يظهر من جبل الجليد.

أهم محطتين في الصراع الخليجي الإيراني، هما ثورة 1979 من جهة، والتي نادى فيها الخميني بقلب الملكيات العربية، وغزو العراق سنة 2003.

وخلال ما سمي "الربيع العربي" الفوضوي في المنطقة 2010، وجدت ايران لنفسها موطئ قدم من خلال مساندتها للحوثيين في اليمن عام 2014، ما دفع الرئيس اليمني حينها عبد ربه منصور هادي، للتحالف مع السعودية لمواجهتها، ومنذ ذلك التاريخ دخل البلدين في صراع لا يبدو له نهاية وشيكة ولا تعرف نتائجه على المنطقة.

وسبق الصراع في اليمن اعلان ايران بأنها مسيطرة على أربع عواصم عربية هي "بغداد ودمشق ولبنان وصنعاء"، فيما لديها نفوذ في البحرين وشرق المملكة ومناطق اخرى، الامر الذي جعل السعودية تستشعر الخطر، لكنها فشلت في مواجهة المد الفارسي باعتمادها على أدوات فاشلة في مختلف المجالات، وينخرها الفساد والمحسوبية والكراهية للشعوب التي وجدت فيها وعلى راس تلك الأدوات " اذرع تنظيم الاخوان المسلمين الارهابي".

صراع على عدة مستويات

ويعد الصراع بين السعودية وإيران، صراع متعدد المستويات " سياسي واقتصادي، وامني، وديوسياسي، فيما يعد الاختلاف المذهبي أو العرقي وسيلة لكسب ظهير شعبي".

واستمر الصراع ، بإعدام الفقيه الشيعي نمر النمر بتهمة الإرهاب سنة 2016، تلاها الهجوم وحرق السفارة السعودية في طهران، وطرد الدبلوماسيين الإيرانيين من الرياض، ثم مقتل قاسم سليماني وتقارب السعودية وإسرائيل، وما زالت الحرب الباردة متذبذبة بين تصعيد وتراجع. 

إيران والسعودية وجهان لعملة واحدة؛ فهما نظاما حكم يستمدان شرعيتهما من القراءة الرسمية للإسلام:  السعودية تتبنى أفكار  المدرسة السلفية  الوهابية على الأقل لغاية سنة 2016، وفي إيران  التشيع الاثنا عشري، وكل منهما يدّعي أنه يمثّل الإسلام الحقيقي، لذلك فشرعية كل منهما خطر على شرعية الآخر، وتقوض أساس حكمه.

تطويق السعودية شيعيا 

ومنذ سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، من قبل الولايات المتحدة بمساندة دول الخليج وعلى راسها السعودية، فقدت دول الخليج والمنطقة بوصلة التصدي للمد الفارسي الشيعي تجاه المنطقة، كأحد أهداف الخمينية الفارسية.

وبعد سقوط العراق بيد ايران، بدات الاخيرة في مد نفوذها نحو عواصم عربية اخرى، ووصلت إلى مرحلة تطويق السعودية باعتبارها الهدف الرئيسي للنظام الشيعي الايراني لوقوع الاماكن المقدسة "الحرم المكي والمدني" في اراضيها.

ومن خلال رسم خارطة المد الشيعي في المنطقة، سنجد ان السعودية واقعة بين مثلث شيعي يمتد من العراق الى شمال اليمن، مرورا بالبحرين، والمنطقة الشرقية للمملكة، ومع وصول اعضاء المعارضة السعودية إلى مناطق وكلاء ايران في اليمن "الحوثيين"، يكون جنوب المملكة تحت مرمى الفكر والسلاح الايراني المباشر.

بالسلاح والتكوين .. حرب بالوكالة 

واليوم وبعد الاتفاق مع السعودية الذي رعته الصين مؤخرا، تسعى ايران إلى تقوية حلفائها في محيط السعودية، من خلال دعمهم بالسلاح والتكوين، لأنها بعد تجربة الحرب مع العراق، تفضّل خوض الحرب بالوكالة، ولذلك هي  لا تعطي -مثل السعودية-  دعمًا غير مشروط؛ بل هي التي تتحكم في الاستراتيجيات التي ينبغي أن يطبقها حلفاؤها، وتعتمد على الضربات النوعية مثل استهداف الحوثيين  منشآت أرامكو في مارس 2022، عوض التدخل العسكري  المكثف.

ووفقا للمراقبين، فأن ايران تعمل على شيطنة الطوائف الشيعية وتقديمها بشكل غرائبي، وعلى الجبهة الأخرى تتم شيطنة السعوديين والعرب من طرف إيران وتقديمهم بأنهم متخلفون.

قضية حياة او موت

بالنسبة للاعبين مثل السعودية وإيران، اللذين يريان في صراعهما قضية حياة أو موت، لا يهم التموقع الديني؛ بل ما يهمها هو بقاؤها، في ظل فشل الولايات المتحدة في إقناع الأنظمة العربية بأن إيران التي تود تخصيب اليورانيوم هي الخطر، وليس إسرائيل التي تملك بالفعل السلاح النووي.

وهكذا يظل السيناريو المرجح في حال عدم خوض حرب تقليدية مباشرة، أن السعودية وإيران  لن يجلسا إلى طاولة المفاوضات المباشرة إلا بعد استهلاك جميع مواردهما. ولكن الأكيد هو أن من سيدفع ثمن حروب الهيمنة هي مجتمعات الشرق التي يتمزق نسيجها بالطائفية والعنصرية، وبسنوات من التأخر على جميع الأصعدة.


المصدر: المنتصف نت

تابع أيضاً

عاجل